الاستماع إلى الموسيقى

ما حكم الاستماع إلى الموسيقى؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن الموسيقى أدنى أحوالها الشُّبهة، والجمهور على تحريمها، ومن أدلتهم على ذلك:
قول النَّبيِّ ﷺ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْـحِرَ وَالْـحَرِيرَ وَالْـخَمْرَ وَالْـمَعَازِفَ»(1).
ما رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه  أن رسولَ الله ﷺ قال: «صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ، وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ»(2).
فالحكم بتحريم آلات اللهو والمعازف من خلال هذه الأحاديث وأمثالها قد نُقل الاتِّفاق عليه من جماهير علماء الإسلام، بل قد نُقل الاتِّفاق على تحريم استماع المعازف جميعها إلا الدُّفَّ.
وممن حكى الإجماع على ذلك القرطبيُّ، وأبو الطيب الطبريُّ، وابن الصلاح، وابن القيم، وابن رجب الحنبليُّ، وابن حجر الهيتمي.
قال القرطبيُّ :: «أما المزامير والأوتار والكوبة(3) فلا يُختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحدٍ ممن يُعتبر قوله من السَّلف وأئمة الخلف من يُبيح ذلك. وكيف لا يَحرُم وهو شعار أهل الخمور والفسق، ومُهيِّج الشهوات والفساد والمجون، وما كان كذلك لم يُشَكَّ في تحريمه، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه»(4).
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة : ردًّا على ابن مطهر الشيعيِّ في نسبته إلى أهل السُّنة إباحة الملاهي، قال: «هذا من الكذب على الأئمة الأربعة، فإنهم متَّفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، ولو أتلفها مُتلِفٌ عندهم لم يضمن صورة التالف، بل يَحرُم عندهم اتِّخاذها»(5). اهـ.
وقال ابن الصلاح في «الفتاوى»: «وأما إباحة هذا السَّماع وتحليله، فَلْيُعلم أن الدُّفَّ والشَّبابة والغناء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرامٌ عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحدٍ ممن يُعتَدُّ بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع…» إلى أن قال: «فإذًا هذا السَّماع غيرُ مباحٍ بإجماع أهل الحلِّ والعقد من المسلمين»(6). اهـ.
وأما الدُّفُّ منفردًا فهو مباحٌ للرجال والنِّساء في الأعراس والعيدين، كما دلَّت على ذلك السُّنة(7). فاستعن بالله على تَرْكها، وفيما أحلَّه الله غُنْية عما حرَّمه.
ونسأل الله جلَّ وعلا أن يأخذ بناصيتك إلى ما يُحبه ويرضاه، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه البخاري معلقًا.

(2) أخرجه الضياء في «المختارة» (6/188) حديث (2200)، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/13) وقال: «رواه البزار، ورجاله ثقاتٌ»، والمنذري في «الترهيب والترغيب» (4/184) وقال: «رواه البزار ورواته ثقات».

(3) آلة موسيقية تشبه العود.

(4) «الزواجر عن اقتراف الكبائر» لابن حجر (2/903).

(5) «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية (3/439).

(6) «فتاوى ابن الصلاح» (2/500- 501).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend