أريد أن أعرف كيف أتوب من ذنب عظيم؟ لأني متعب من الذنب.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن أبواب التوبة مفتوحة يا بنيَّ على مصراعيها فلا يمنعك منها أحد، ولا يعظُم ذنبٌ على التوبة؛ فلـو بلغـت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرت ربَّك ورجعت إليه غفر لك على ما كان منك ولا يبالي(1)، لم يبقَ إلا أن تشمر عن ساعد الجد وأن تشحذ عزيمتك، وأن تفِرَّ إلى ربك، فهو أهل التقوى وأهـل المغفرة(2)، فإنك إن خِفتَه هربتَ إليه، بخلاف أهل الدنيا فإنك إن خفتهم هربت منهم، فلا تتردد ولا تُسـوِّف، ولا يُغرَّنك إمهاله لك وستره عليك، فإن له غضبةً وله أخذة، فارجُ رحمتَه، واخشَ نكاله وبطشه وأخذه، أعانك الله يا بني على نفسك وردَّك إليه ردًّا جميلًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله» حديث (3540) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه  قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن»، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/114) وقال: «أخرجه الترمذي وهو حديث حسن».

(2) قال تعالى: ﴿وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [المدثر: 56].