ارتكبت ذنبًا وتبت عنه والحمد لله، ولكني لا أحس بندم، وقرأت أن من شروط التوبة الندم على الذنب. فماذا أفعل؟ كيف أندم على ذنبي؟
أنا لم أعد إلى هذا الذنب مرة أخرى، لكني أُحِس أن قلبي قد قسا. كيف أندم وأُليِّن قلبي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الشعور بالندم يا بنيتي ينتجه الشعور بفداحة الذنب من ناحية، والشعور بكثرة النعم التي تتنزل من عند الله، وعلى رأسها نعمة الستر على العصاة حتى يتوبوا إلى الله عز وجل من ناحية أخرى.
ولهذا جاء في صيغة سيد الاستغفار في باب الدعاء: «أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ»(1).
فبين الشعور بالذنب والشعور بالنعم يتولَّد الحياء ويتولد الندم والحرقة.
تخيلي يا بنيتي لو فضحك ربُّك بهذه المعصية، وأصبحت حديث المجالس ومضغة على فم الغادي والرائح، فاحمدي اللهَ على ستره.
ثم التمسي لنفسك يا بنيتي رفقةً صالحة، تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعته إذا تذكرت.
وأكثري من الذكر وقراءة القرآن والأحاديث النبوية، وأكثري من الدعاء، وتحيني أوقات الإجابة، وامسحي على رءوس اليتامى، فإن لذلك أثرًا عجيبًا في تليين القلوب(2).
ونسأل الله أن يرزقك يا بنيتي قلبًا خاشعًا، وعينًا باكية من خشية الله. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الدعوات» باب «أفضل الاستغفار» حديث (6306) من حديث شداد بن أوس.
(2) ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في «مسنده» (2/263) حديث (7566) من حديث أبي هريرة: أن رجلًا شكا إلى النبي ﷺ قسوةَ قلبه فقال: «امْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ وَأَطْعِمِ الْـمِسْكِينَ». وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/160) وقال: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح».