التوبة من اللواط

أنا أخوك المسلم، أريد جوابًا واضحًا.
أرجوك أنا إنسان كرهت حياتي من ذنوب فعلتها كثيرًا، ومنها اللواط، تبت مرة عنها ورجعت إليها، وندمت ندمًا شديدًا، واستسلمت وبكيت، واستغفرت وصليت ركعتين، وبحمد الله أزيح عني فجأة والحمد لله.
أرجوك قل لي: هل من توبة لهذا الذنب العظيم؟ أرحني أراحك الله من كل هم وغم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فمن ذا الذي يمنعك من التوبة؟! إن للتوبة يا بني بابًا فتحه الله لا يملك أحدٌ من البشر أن يغلقه؛ قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
واعلم يا بني أنه تُقبل توبة العبد ما لم يغرغر(1)، ويظل باب التوبة مفتوحًا حتى تطلع الشمس من مغربها(2)، فحينئذ لا تقبل التوبة، ولا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا(3).
فاصدق الله في توبتك يصدقك في إقالة عثرتك، وغسل حوبتك، ومحو خطيئتك. وأكثر من فعل الصالحات؛ فإن الحسنات يُذهبن السيئات(4).

واختر لك رفقة صالحة تذكرك بالله وتُعينك على طاعته، واجتهد إن كنت عزبًا في التماس زوجة صالحة تُعينك على العفاف؛ فإن الزواج أغضُّ للبصر وأحصن للفرج(5)، ولا يزال لسانك رطبًا بالاستغفار والذكر(6).
ونسأل الله لك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (2/132) حديث (6160)، والترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله» حديث (3537)، وابن ماجه في كتاب «الزهد» باب «ذكر التوبة» حديث (4253)، والحاكم في «مستدركه» (4/286) حديث (7659)، وابن حبان في «صحيحه» (2/395) حديث (628)، من حديث عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/140) وقال: «إسناده حسن».

(2) فقد أخرج مسلم في كتاب «التوبة» باب «قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب» حديث (2759) من حديث أبي موسى عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ اللهَ -عز وجل- يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

(3) قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].

(4) قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين﴾ [هود: 114].

(5) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «من لم يستطع الباءة فليصم» حديث (5066)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه» حديث (1400) من حديث عبد الله بن مسعود، بلفظ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

(6) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/188) حديث (17716)، والترمذي في كتاب «الدعوات» باب «ما جاء في فضل الذكر» حديث (3375) من حديث عبد الله بن بسر: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   11 التوبة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend