التسويف في التوبة من الزنى

اعذرني إن كنت سوف أسأل سؤالًا قد يبدو غريبًا، ولكنه يسبِّب لي حزنًا كبيرًا جدًّا.
أنا أعمل في شركة، ولي زميلة في العمل مُتزوِّجة وعندها طفلان وتُصلِّي، وقعت في خطيئة كبيرة جدًّا، وهي الزنى مع زميل آخر في نفس الشَّركة، وللأسف هذا الزميل كلما زنى بها خرج يفضحها ويتباهى؛ لأنه لا يصلِّي وهي دائمًا تصلي، وعندما أوجِّهها وأنصحها تبكي وتعطني وعدًا بألا تعود لهذا الذَّنب مرة أخرى وتلتزم فترة حقًّا، ولكن سرعان ما تعود لهذا الذَّنب رغم أن زوجَها معها وعندها أولاد وظاهرها يدلُّ على أنها طيبة، وعلى قدر كبير من الجمال، ولكن تُصِرُّ على هذا الذَّنب. مما يُسبِّب لي ألمًا شديدًا؛ لأنني إذا علمتُ أن أي شخص يُذنب في حقِّ الله تشتعل نار في داخلي.
وقد سألت أحد الشيوخ عن هذا الأمر فقال: الأفضل هو الابتعاد عنها وعدم نصحها، خوفًا من الفتنة.
ولكنني ولله الحمد كلُّ ما يشغل بالي هو أن تترك الذُّنوب هي وغيرها، والله لقد وصلتُ لدرجةِ كرهِ المكان بالكامل بسببها وسبب المعاصي التي تحدث، ولا أستطيع منعها.
فضيلة الشيخ، كيف يعلم الشَّخص أن له إلـهًا بصيرًا وعليمًا ويعصيه؟! كيف يعصي الشَّخص المسلمُ خالقَه وهو يعلم أنه يراه؟! كيف يعصي عبدٌ سيده ويجاهره بالمعاصي؟! كيف نقول: لا إله إلا الله ونصلي ونصوم ونرتكب كبيرة الزنى؟!
فضيلة الشيخ، أعتقد أنني عجزتُ عن نصيحتها، فأنت وكلُّ علماء المسلمين قادرون على أن تجعلوا المسلمين جميعًا يعودون إلى الله.
واسمح لي بأن أتخطى حدودي وأقول: أعتقد أنكم سوف تُحاسبون لأنكم علماء، وإن رأينا نحن الذُّنوبَ ولم نستطع منعَها، فأنتم تقدرون وتستطيعون على ذلك.
وأعود لأقول: إننا حقًّا لو طبَّقنا شَرْع الله لأنجانا اللهُ من هذه الذُّنوب التي نراها في الطَّريق العام، وكأننا نحارب الله والعياذ بالله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن الزنى من كبائر الذُّنوب، فلا يزني الزَّاني حين يزني وهو مؤمنٌ، وإذا زنى العبدُ خرج منه الإيمان فكان كالظُّلَّة فوق رأسه.
وإذا أدى العبد ما عليه من الإنكار على أصحاب المعاصي ونصحهم فقد برئ، وكلُّ نفسٍ بما كسبت رهينة، ﴿لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: 105]ولكن يبقى عليه إذا لم يستطع أن يُزيل المنكرَ أن يزول هو عنه، وإذا لم يستطع أن يُقنع المتورِّطين في الكبائر بتركها أن يُفارقهم وأن يهجرهم في الله عز و جل ، فقد قال تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: 140]
والذي يملكه أهل العلم وحملة الشريعة هو البيان وعدم الكتمان، أما ردع الناس عن الذنوب وحملهم على الطاعة، هذه مهمة السلطان، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ولعل ما تذكر هو من شؤم تعطيل الشريعة وإقصائها عن المرجعية في ديار الإسلام، والله المستعان.
نسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى ما يُحبه ويرضاه، وأن يُجنِّبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   11 التوبة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend