التبرع بالشعر بعد قصه لمرضى الصلع

هل يجوز للمرأة أن تَهَبَ شعرها بعد قَصِّه لمنظمة خيرية من أجل مرضى الصلع من الأطفال، هم بدورهم ينسجون بها الباروكة لهؤلاء المرضى من الأطفال؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل في الباروكة المنع، فهي من جنس الوصل المحرم الذي قد ورد فيه قولُه ﷺ: « لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْـمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْـمُسْتَوْشِمَةَ»(1).
وقد روى البخاري عن معاوية بن أبي سفيان ب: أنه تناول قَصَّة من شعرٍ كانت بيد حرسي، ثم قال وهو على المنبر: أين علماؤكم؟! سمعتُ رسول الله ﷺ ينهى عن مثل هذه ويقول: «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ»(2).
ولكن يظهر أنه ينبغي التفريق بين من تلتمس المزيد من الحسن بلبس الباروكة، ومن تداوي به عيبًا بها كالصلع، فإن الثاني من جنس ستر العيب وإصلاح الخلل وهو مشروع.
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين : عمن أخذت أدوية فأدَّت إلى تساقط شعر رأسها أو معظمه ولا تريد استعمال الباروكة لأنها ترى أنها حرام.
فأجاب: استعمال الباروكة بمثل هذا الحال الذي وصفته، حيث تساقط شعرها على وجه لا يُرجى معه أن يعود، نقول: إن الباروكة في مثل هذه الحال لا بأس بها؛ لأنها في الحقيقة ليست لإضافة تجميل، ولكنها لإزالة عيب، وعلى هذا فلا تكون من باب الوصل الذي لعن النبي صلي الله عليه وسلم فاعله، فقد لعن الواصلة والمستوصلة، والواصلة هي التي تَصِلُ شعرها بشيء، لكن هذه المرأة في الحقيقة لا تُشبه الواصلة؛ لأنها لا تُريد أن تُضيف تجميلًا، أو زيادة إلى شعرها الذي خلقه الله تبارك وتعالى لها، وإنما تريد أن تُزيل عيبًا حدث، وهذا لا بأس به؛ لأنه من باب إزالة العيب، لا إضافة التجميل، وبين المسألتين فرق. انتهى.
وبناء على ما قرَّره الشيخ فإذا كان الحديث عن أطفالٍ صلع لا وجه لإصلاح عيبهم أو ستره إلا من هذا الطريق، فإن التبرُّع بذلك إليهم لينسجوا منه ما يستر عيبهم ويقوِّم خللهم مشروع. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «الوصل في الشعر» حديث (5937)، و مسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله» حديث (2124) من حديث ابن عمر رضي الله عنه .

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «الوصل في الشعر» حديث (5933)، ومسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله» حديث (2127).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend