مقاطعة الأخ السيئ الخلق

أنا شخص قدمت حديثًا مع عائلتي إلى أمريكا، وعند قدومي نزلت في بيت أخي الذي يكبرني بسنتين والذي يعيش وحيدًا بعد طلاقه لزوجته، ولكن بعد وصولي إليه قررت ومن اللحظة الأولى البحث عن سكنٍ لعدم وجود أيِّ صلة تفاهمٍ معه، وقد فعلت ولله الحمد بعد عشرة أيَّام.
فأنا وعائلتي والحمد لله ملتزمون دينيًّا، وهو رجل شرَّاب للخمر لا يعترف بدين ولا بنبيٍّ ولا يُحلِّل حلالًا ولا يُحرِّم حرامًا، ويتطاول على حضرة الحقِّ {#emotions_dlg.azz} إذا اضطره الأمر لذلك.
والمشكلة أنني قد قدَّمت له خِدْمة قبل مجيئي إلى هنا، إذ وجدت له امرأة للزَّواج، وهي واحدة من خدمات كثيرة جدًّا، وإذ بي وبعد مجيئي إلى هنا أُفاجأ بأنه تزوَّجها ولم يُخبرني، وقد أقام حفلًا ولم يُبلغني أو يريني صورًا للحفل.
المهم في الموضوع أنه بعد ذلك بدأ في التَّجاوُز على حدود حرمة داري، وبدأ يُسمع زوجتي- المرأة الصالحة التي كانت يومًا تغسل عن قدمي والدتي رحمها الله والشهادة لله- الكثيرَ من الكلمات الجارحة، وليس أمامي بل أمام أبنائي الصغار، ولما واجهته بالحقيقة لم يَرُدَّ عليَّ، ولكنني صُدمت بإرساله بريدًا إلكترونيًّا إليَّ ونسخًا منه إلى أبنائي وإلى عائلة أختي في السعودية، ولم أفهم سبب ذلك، علمًا بأن عائلة أختي حاليًّا قد خطبوا ابنتي لولدهم.
ويا لها من فضيحة! إذ إن الإيميل يحتوي على عبارات وكلمات وتجاوزت على شخصي، إذ يتَّهمني بالجبن والخنوع، ويتهمني بأمور لم أقلها أو أفعلها، بل وعندما أرده بالحسنى يردُّني بالعبارات الجارحة.
وقد طلبتُ منه أن نلتقي على حِدَةٍ لكي نتفاهم، فإذا به يأتي ولم يتحدَّث بأي كلمة، واعترف بالذنب، وبعد أن واجهته بكل الخير الذي قدَّمتُه له وكلِّ الشر الذي واجهني به منذ لحظة وصولي، وقلت له بأننا أخوان، ووالله إنني أريد أن أديم علاقتي بك خوفًا من الله لكي لا أقطع رحمي بك خوفًا من الحساب.
ولكن وبعد هذا اللقاء إذا به يعود ويُرسل نفس الإيميلات الجارحة مع التَّهْديد والوعيد بإيذائي، والأهم من ذلك أنه يتعدَّى على عائلتي بالكلام، وخصوصًا زوجتي، وعندما أقول له: لا تتجاوز على عائلتي يردُّني بجواب جنونيٍّ وهو يقول: نعم إنني إذا اعتدى أحد على عائلتي بالكلام فسأدافع عنها حتى موتي.
هو متجاوز وأنا أطلب منه الكفَّ عن ذلك وهو يُجاوبني وكأنني أنا المتجاوز، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وقد علمت من صديق أنه يراجع طبيبًا نفسانيًّا، كما أنني فعلًا وجدته إنسانًا غير سويٍّ من جرَّاء هذه التَّصرُّفات، علمًا بأنه مهندس ويعمل في شركة كبرى، وكلُّ تلك المواقف هي غيض من فيض.
شيخنا المفتي رفع الله مقامكم، فهذا رجل به سفاهة يُحب المشاكل، بل ووجدتُ نفسي في دوَّامة من المشاكل معه كلما أردت الخروج منها إذا بي أقع في دوامة أكبر؛ إذ إنه لا يُريد الصُّلح، بل ويتكلَّم بأمورٍ لم تصدر عن عائلتي أو زوجتي، وينشرها إلى أقاربي، وخصوصًا أختي التي خطبت ابنتي لابنها، وهو بذلك يقصد الخراب بيننا، فهو والله كما أراه شيطانًا من شياطين الإنس، إذ وصلتُ إلى مرحلةِ أن أقول حسبي الله فيك ونعم الوكيل.
فهل لمثل هذا الشَّخص صلة رحم، إذ كلما أتَّصل بقصد صلة الرحم وأحاول تجنُّب أيِّ موضوعٍ يثير الجدل أجده يسحبني إليها، فوالله هو شخص لا يساوي عندي الآن أيَّ شيء، ولكنه موقف أمام الله {#emotions_dlg.azz}، فلا أُريد أن أكون قاطعَ رحمٍ.
فسؤالي: هل لهذا أيُّ صلة رحم؛ لأن هذا الأمر حرمني نوم ليلي، وأتمنى من الله أن أجد فتوى تقول بأن مثل هذا الإنسان لا رحم له من باب درء المفاسد يُقدَّم على جلب المصالح، وفي علاقتي به مفسدة لي ولعائلتي.
أفتونا بما يرضي الله، وآسف على الإطالة، ولكنني أحببت إيصال الصورة شبه كاملة ما استطعت. حفظكم الله لنا ذخرًا، وجزاكم الله عنا ألف خيرٍ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فعلى الرغم من أهمِّيَّة صلة الرحم وتأكيد الشَّريعة عليها، وعلى الرغم من أنه ليس الواصل بالمكافئ بل الواصل من إذا قُطعت رحمه وصلها، إلا أن التَّواصل والمخالطة إذا كان سيؤدي إلى هذه السِّلْسلة من الفتن والفجائع على النَّحو الذي ذكرتَ فلا عليك من المتاركة والهجر الجميل، وصلة الرَّحِم المشروعة لم تتعيَّن المخالطة سبيلًا إليها، فقد تتحقَّق بأدنى من ذلك، فبالإضافة إلى الغوث وتقديم العون عند النَّوائب يمكن أن تتحقَّق بمكالمة هاتفيَّة أو برسالة بريديَّة في المناسبات، كالأعياد ونحوها.
واعلم أنك مأجورٌ على صبرك بإذن الله، وإن كنتَ كما تقول فكأنما تسفه المل: أي الرماد الحار، وأبشر فإن الرَّجُل يُبتلى على قدر دينه! فإن كان في دينه صلبًا ضوعف له في البلاء، ولا يزال البلاء بالعبد المؤمن حتى يمشي على الأرض وليست عليه خطيئةٌ واحدة!
ونسأل الله أن يحملك في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend