عمل جدول بأيام الأسبوع للعبادات فرائض ونوافل

ما حكم عمل جدول بأيام الأسبوع ووضع علامات أمام العبادات التي قمت بها للتشجيع ليس أكثر، ولا أجعل أحدًا يطلع عليها؟ هل هي بدعة أم وسيلة لمحاسبة النفس؟ أرجو الإفادة؛ لأني أقوم بهذا منذ فترة. وشكرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذا الأمر من مسائل النظر والاجتهاد، فمن أهل العلم من منعه لكونه محدثًا لم يكن من هدي السلف، ومخافة أن تتحول معه الطاعات إلى أعمال روتينية بحتة، أو أن يشتغل بالمفضول عن الفاضل في بعض الأحيان.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين :: يتبع بعض الناس طريقة لمحاسبة أنفسهم في أداء الصلوات المفروضة والسنن الرواتب، وهي أن يضع جدولًا، هذا الجدول عبارة عن مُحاسبة لأدائه الصلوات خلال أسبوع واحد، بحيث يضع أمام كل وقت صلاة مربعين، أحدهما للفرض والآخر للسنة الراتبة، فإذا صلى الفرض مع الجماعة وضع لصلاته تلك درجة، وإذا صلى الراتبة وضع لها درجة أيضًا، وإذا لم يصل لم يضع درجة، وهكذا، ثم في آخر الأسبوع يخرج مجموع الدرجات. وتشتمل الورقة على أربعة جداول لشهر واحد، ويقول هؤلاء: إن مثل هذه الوسيلة تُعين على المحافظة على أداء الفرائض والسنن. فما رأي فضيلتكم في هذه الطريقة؟ هل هي مشروعة أم لا؟ وما رأيكم في نشرها أثابكم الله؟
فأجاب: هذه الطريقة غير مشروعة، فهي بدعة، وربما تسلب القلب معنى التعبد لله تعالى، وتكون العبادات كأنها أعمال روتينية كما يقولون، وفي الصحيحين: عن أنس بن مالك رضي الله عنه  قال: دخل رسول الله ﷺ المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين، فقال: «مَا هَذَا؟». قالوا: حبل لزينب تصلي، فإذا كسلت أو فترت أمسكت به. فقال: «حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسَلَ- أو فَتَرَ- فَلْيَقْعُدْ»(1).
ثم إن الإنسان قد يعرض له أعمال مفضولة في الأصل ثم تكون فاضلة في حقه لسبب، فلو اشتغل بإكرام ضيف نزل به عن راتبة صلاة الظهر لكان اشتغاله بذلك أفضل من صلاة الراتبة.
وإني لا أنصح شبابنا من استعمال هذه الأساليب في التنشيط على العبادة؛ لأن النبيَّ ﷺ حذَّر من مثل ذلك، حيث حثَّ على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين(2)، وحذَّر من البدع، وبيَّن أن كل بدعة ضلالة(3)، يعني وإن استحسنها مبتدعوها، ولم يكن من هديه ولا هدي خلفائه وأصحابه مثل هذا. انتهى.
ومنهم من رخَّص فيه إذا كان مسلكًا فرديًّا لا يطلع عليه أحد، وكان مقصوده التنشيط على العبادة ومحاسبة النفس على التقصير، وتذكيرها عند الغفلة.
وإذا تردد الأمر بين كونه سنة وكونه بدعة فتركه أولى. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «ما يكره من التشديد في العبادة» حديث (1150)، ومسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك» حديث (784).

(2) فقد أخرج أبو داود في كتاب «السنة» باب «في لزوم السنة» حديث (4607)، والترمذي في كتاب «العلم» باب «ما جاء في الأخذ بالسُّنَّة واجتناب البدع» حديث (2676) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه  قال: وعَظَنا رسول الله ﷺ يومًا بعد صلاة الغَدَاة موعظةً بليغةً ذرفَت منها العيونُ ووجلت منها القلوبُ فقال رجل: إن هذه موعظة مودِّع فماذا تعهدُ إلينا يا رسول الله؟ قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْـخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْـمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/126) حديث (17184)، وأبو داود في كتاب «السنة» باب «في لزوم السنة» حديث (4607)، والدارمي في مقدمة «سننه» باب «اتباع السنة» حديث (95) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه  أن رسول الله ﷺ قال: «كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، وذكره الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» حديث (37).

 

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend