علاج الحسد والعلل والآفات البدنية والنفسية

شيخنا الفاضل، منذ إعلان خطوبتنا وزواجنا أنا وزوجي والمتاعب تلاحقنا والانفصالات وعقباتٌ تُلاقي أمورَنا وتُعطِّلها بشكل غير طبيعي، مما أثار تنبُّهنا، صحيح أن كلينا على دِين وخلق، وخصوصًا جمال خلقي ولله الحمد، فكيف أرقي نفسي وأرقي زوجي؟ وكيف نحصن أنفسنا للوقاية من العين والحسد؟ جزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا يخفى أن المداومة على الذِّكر ولزوم الاستقامة من آكد ما يتحصَّن به العبد من العلل والآفات البدنية والنفسية، وقد شرع الله جلَّ وعلا التعوُّذ بكلماته جل في علاه، وفصَّل القول في ذلك نبيُّه ﷺ، ومن ذلك فاتحة الكتاب وآية الكرسي والمعوذتين(1).
ومن التعوذات الصَّحيحة الواردة عن النبي ﷺ: ««أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»»(2).
وعن ابن عبَّاس ب قال: كان النبيُّ ﷺ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالْـحُسَيْنَ ويقولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»(3).
ومعنى «اللَّامة» كما قال الخطابي: «المراد به كلُّ داء وآفة تُلِمُّ بالإنسان من جنون وخبل»(4).
وعن أبي سعيدٍ: أن جبريل أتى النَّبِيَّ ﷺ فقال: «يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أو عَيْنِ حَاسِدٍ اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ»(5).
ولا شكَّ أن مداومة الإنسان على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وغيرها من الأذكار، له أثر عظيم في حفظ الإنسان من العين، فإنها حصن له بإذن الله، فينبغي الحرص عليها.
هذا وقد رخَّصَ رسول الله ﷺ في الرُّقية من العين وأمر بها، فعَنْ عَائِشَةَ ل قالت: أَمَرَنِي رسولُ الله ﷺ- أو: أَمَرَ- أن يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْنِ(6).
وما جاء عن عَائِشَةَ ل قالت: كان يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثم يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْـمَعِينُ(7).
أسأل الله أن يجنبكما السوء، وأن يقيكما الفتن، ما ظهر منها وما بطن. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) فقد أخرج البخاري في كتاب «فضائل القرآن» باب «فضل سورة البقرة» حديث (5010) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  قال: وكلني رسول الله ﷺ بحفظ زكاة رمضان فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله ﷺ. فقصَّ الحديث فقال: «إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنْ الله حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ».
وفي الحديث الذي أخرجه أحمد في «مسنده» (3/417) حديث (15486) من حديث ابن عابس الجهني رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: «يَا ابْنَ عَابِسٍ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْـمُتَعَوِّذُونَ؟» قلت: بلى يا رسول الله! قال: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1104).

(2) أخرجه مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «في التَّعوُّذ من سوء القضاء ودَرَك الشقاء وغيره» حديث (2709) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(3) أخرجه البخاري في كتاب «أحاديث الأنبياء» باب «قول الله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» حديث (3371).

(4) انظر «فتح الباري» (6/410).

(5) أخرجه مسلم في كتاب «السلام» باب «الطب والمرضى والرقى» حديث (2186).

(6) أخرجه البخاري (5738).

(7) أخرجه أبو داود في كتاب «الطب» باب «ما جاء في العين» حديث (3880)، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (3/58) وقال: «إسناده ثقات».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend