عندي سؤال، الله يجزيك خيرًا.
أنا لم أبرَّ والدي؛ إذ أغضب منه كثيرًا، إذا استفزني أغضب بسرعة وبعدها أندم وأصلي ركعتين وأسأل الله أن يهديني، وأنا إلى الآن أغضب منه.
وأرجوك قل لي حلًّا يُريحني، ووالله صدري ضيِّق من كلِّ همٍّ وغمٍّ، وإني أصلي وأستغفر، وصدري يزيد ضيقًا ولا أعلم ما الذي يحصل؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما عسى أن نقولَ لك إلا أن نُوصيك بوصية نبيك صلى الله عيه وسلم: «لَا تَغْضَبْ»(1)، وبتأمينه على دعاء جبريل عندما دعا فقال: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا الْكِبَرُ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْـجَنَّةَ»، فقال نبيُّك ﷺ: «آمِينَ»(2).
ونذكرك بوصية ربك جل وعلا التي تكررت في مواضع كثيرة من كتابه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23].
ونقرأ عليك الآية بتمامها فنقول: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23، 24]
وعندما تخطئ في حقهما لابد لك من استعتابهما واسترضائها، فكما قضيت حقَّ ربك بالتوبة، فاقضِ حقهما الذي أمرك به ربُّك في هاتين الآيتين السابقتين، فارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما، وتودد إليهما كما جفوتَهما وقسوت عليهما.
وسَلْ ربَّك أن يرزقك البرَّ بهما والإحسان إليهما، وتذكر أنهما الآن وصية الله عندك، وقد كنت من قبلُ وصية الله عندهما، وجاء زمن الوفاء يا بني.
أسأل الله أن يُعينك على برهما، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يُقيل عثرتك وأن يغسل حوبتك. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الحذر من الغضب» حديث (6116) من حديث أبي هريرة.
(2) أخرجه مسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر فلم يدخل الجنة» حديث (2551) من حديث أبي هريرة.
