صلة الرحم الظالمة

عمي متوفٍّ، وله أولاد، ولكن منذ وفاة عمي وزوجته تصنع مشاكل معنا ومع أعمامي، وقد جعلت أولادَها يأخذون جانبًا منا، ورغم تلك المشاكل التي حصلت لا يهون علينا أولادنا، لكن لما حدثت مشاكل في فرح ابنتها وزادت البعد عاملناهم بكلِّ إحسان واحترام ولكن لم ينفع، وقد وصلت بأهلها إلى درجة إطلاق النَّار على عمي الأصغر من جهة أهلها، مع أنه أكثر واحد يساعدهم ويسأل عنهم، ولكن بعد أن حدث هذا فأعمامي بما فيهم أبي قالوا: إن أخانا مات ولم يتزوج ولم ينجب. وقاطعوهم، وكلُّ أفراد العائلة على هذا المنوال، وجعلت أولادها لا يكلمون أحدًا منا نهائيًّا مع أن عمي رجع وحنَّ إليهم، ولكن لا يوجد رجاء فيهم، لدرجة أن الواحد من أعمامهم يُنادي عليهم حتى يسأل عنهم فلا يردُّون عليه.
بصراحةٍ تعبنا من تصرُّفاتهم، ولكن في نفس الوقت لم يهونوا علينا لأن عمي كلنا نُحِبُّه وكان إنسانًا بمعنى الكلمة، وأنا لا يُعجبني هذا الوضع ولكن لو كلَّمتُهم سوف تحصل مشاكلُ ولومٌ من العائلة، ولو قاطعتهم سيكون ذلك قَطْعَ رحمٍ. ما الحل؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الحلَّ في مزيدٍ من الصَّبْر عليهم والعفو عنهم، وأن نتمثَّل قولَ الله جلَّ وعلا: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34].
وأبشري بالذي يَسرُّك؛ فإنَّ مَن عفا وأصلح فأجره على الله(1)، وبشراك يومَ يُقال:

  • أين الذين على الرحمن أجرهم
  •  فلا يقوم سوى العافي عن النَّاس

 

لقد جاء رجلٌ إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأُحسن إليهم ويسيئون إليَّ؟ فقال: ««إِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْـمَلَّ- أي: الرماد الحار- وَلَا يَزَالُ لَكَ مِنَ الله عَلَيْهِمْ ظَهِيرٌ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ»».
وصلة الرَّحِم لا تعني بالضَّرورة المخالطةَ الكاملة، بل يكفي منها القدرُ الذي تُؤدَّى به الحقوق ويخرج به المرء من إثم الهجرة، وعلى الله قصد السَّبيل، ونسأل اللهَ أن يُصلح ذاتَ بينِكم، وأن يُؤلِّف بين قلوبكم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) قال تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [الشورى: 40].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend