حقوق الناس

أنا إنسانة أدَّعي الخوف من الله وخشيته، رغم أنني أعصيه كثيرًا، وأندم على عصيانه أكثر، وأعلم أن لي رَبًّا رحيمًا، ولكن خوفي الأعظم من حقوق النَّاس، منهم أناس أعلمهم ولا أستطيع مواجهتم خشية الفضيحة، ومنهم أناس لا أعلمهم وقد أكون ظلمتهم دون قصدٍ مني. فلا أعرف كيف الخلاص من هذه الحقوق قبل فوات الأوان؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فزادكِ الله حرصًا وتُقًى، ونودُّ أن نُبشِّرك بأن هذه الخشيةَ علامةٌ على بقيَّةِ عافيةٍ في النفس والدِّين نسأل الله أن يُبارك لك فيها.
وحقوق الناس مبنيَّة على المشاحَّة، وهي الدِّيوان الذي لا يدعه الله أبدًا(1)، القصاص لا محالة، والسَّبيل إلى الخلاص منها هو التَّوبة والتَّحلُّل من أصحابها، أي أن يتحلَّل المرء من أصحاب المظالم إذا قدر على ذلك، فإن خشي تفاقمَ الأمر واستفحالَ الخَطْب دعا لهم بظهر الغيب ما استطاع، وتحيَّل على توصيل الحقوق إليهم إن كانت من الحقوق المادِّيَّة التي يتيسَّر فيها ذلك، وإن كانت المظالمُ لغير مُعيَّنين فليس أمامه إلا الإكثار من فعل الخيرات، والدُّعاء لأصحاب الحقوق عامة. ونسأل الله التَّوبة والتَّوفيق للجميع، والله تعالى أعلى أعلم.

__________________

(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (6/240) حديث (26073)، والحاكم في «مستدركه» (4/619) حديث (8717)، من حديث عائشة ل قالت: قال رسول الله ﷺ: «الدَّوَاوِينُ عِنْدَ الله عز و جل  ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ الله مِنْهُ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ. فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ فَالشِّرْكُ بِالله قَالَ اللهُ: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ [المائدة: 72]، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ أَوْ صَلَاةٍ تَرَكَهَا فَإِنَّ اللهَ عز و جل  يَغْفِرُ ذَلِكَ وَيَتَجَاوَزُ إِنْ شَاءَ، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا؛ الْقِصَاصُ لَا مَحَالَةَ». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend