تصرف الأولاد مع الأب الظالم

شيخي الفاضل، لا شك ولا ريب أن طاعة الوالدين فرضٌ ربانيٌّ وواجب عرفي لا يجادل فيه أحد، وكذلك خَفْض الجَناح لهما والصبر على ما يصدر منهما كما صبروا علينا وعلى ما كان يصدر منا في سابق أيام عُمُرنا، ولكن مع هذا قد يتجاوز الأب مثلًا إلى أبعد من حدوده بكثيرٍ في أمورٍ وتصرفات لا تُحتمل، وهنا يأتي سؤالي لفضيلتكم لكي أكون أنا وإخواني على بصيرة قبل أن نتصرف بشيء أو نُقدِم على أمرٍ من الأمور قد يكون فيه إغضاب لله {#emotions_dlg.azz}:
إن أبي منذ عشر سنوات تقريبًا يتعامل معنا أنا وإخواني تعاملًا فيه عنجهية وظلم، ولا نُزكِّي أنفسنا أو نمُن عليه إذا قُلنا: ونحن نتعامل معه بإحسانٍ ولطف وصبر على أذاه وتصرفاته الشديدة علينا وعلى أولادنا، حتى يصل الأمر منه- بل قد حدث مراتٍ كثيرة- أن يضرب أولادنا حتى يَستنكر الفعلةَ القريبُ والبعيد، من شدته وعنفوانه.
وباختصار، هو يسكن في محافظةٍ أخرى، ويأتي إلينا مرةً في الشهر يمكث أسبوعًا تقريبًا.
باختصار، يكون البيت في حالة طوارئ، من الصغير إلى الكبير إلى المرأة والرجل، حتى أمُّه تُعاني من ذلك، ونحن صابرون لهذه السنوات ابتغاء وَجْه الله. وآخر تصرُّف من تصرفاته التي تملأ صفحات الأيام أن ذهب إلى بيت أخي ليقوم بتكسيره، تكسير النوافذ، ولولا أنه أبٌ لشرحتُ لك ما يُبكيك أنت، أما أنا فإنه يُدمي قلبي من تصرُّفاتٍ مع أمي وأمه والأولاد، و…
ولكن حسبي أن أوجز سؤالي في الآتي: هل يجوز لنا أن نتصرف معه تصرُّفًا رادعًا، مثل المقاطعة الجماعية؛ ليرتدع؛ لأنه أَلِف ألا يجرؤ على مواجهته أحدٌ، وأن له الحقَّ في كلِّ تصرفٍ؟
وبماذا تنصحوني أنا وإخواني أن نعمل؟ وما عملت شيئًا ثم سألت، ولكن سألت لأعمل؟ والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. وجزاكم الله خيرًا

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الظلم مُحرَّم في جميع الملل، سواء أكان ذلك من الآباء أم من غيرهم، ولكن البر بالآباء واجب كذلك في جميع الملل، سواء عليهم أأحسنوا لأبنائهم أم أساءوا.
والمنكر يُدفع بما يندفع به، ولكن يُتدرج من الأخف إلى ما هو أشدُّ منه، ويزداد التأكيد على هذا التدرج في العلاقة مع الآباء، وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أمٍّ تزني، فهل لأبنائها مَنْعها من ذلك بالضرب؟ فقال: إن الواجبَ مَنْعها من الفاحشة، ولو كان ذلك بإغلاق بابٍ عليها، ولكن ليس للولد أن يضرب أمه.
والخلاصة أنه تُمارَس مع الأب أخفُّ الوسائل التي تُوقفه عن ظلمه لأولاده أو تُخفِّف منه على الأقل، ويُستعان على ذلك بالدعاء، ثم بالاستشفاع بأهل الدين، وأهل الوجاهة لعله يُصغي إليهم. ونسأل الله أن يرده إليه ردًّا جميلًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend