بر الأم القاطعة للرحم الكثيرة السباب

أمي كثيرًا ما تستعجل الرزق مع أن عملي أرزاقيٌّ، وتطلب مني أن أكون مثل فلان، وفلان هذا ماله حرام ولكنه علا، ولم تتركني في حالي بل وتُفرِّق بيني وبين إخوتي مع أنني أكبرهم ولكنني لم أتزوَّج إلى الآن وهم قد تزوَّجوا، كما أن والدي مُتوفًّى، وهي تُحرضهم عليَّ إلى أنهم أهانوني فأصبحت أتجنَّبهم، وحينما أتجنبهم يزيد رزقي وأعمل جيدًا، ولو جاءت أمي تكلِّمني أقول لها: حاضر، لكن لم يأذن الله بعد, و.. و.. كلُّه باللين. ولكنها تنهرني فأسكت فتزيد فيضيق صدري وأُعلي صوتي وأغلط فيها وأقول لها: اتركيني في حالي وقولي ما تريدينه كله.
ومنذ أن رأت عيني الدُّنْيا وأمي لا تكلم أخًا لها، والآخر أحيانًا تكلمه وأحيانًا لا تكلمه، وأختها نفس النِّظام. فهل يرضى اللهُ قطيعة رحمها لأخيها بي؟! أخاف أن أكون عاقًّا مع أنني أحبهم، ولكن كثرة ظلمها لي تدعوني أحيانًا إلى أن أغلط فيها مع أن بعدها أحزن كثيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا يزال لأمِّك حقُّ البر وإن جَفَتْك، والمعاملة بالحسنى وإن أساءت إليك، وتذكَّر قول ربِّك جلَّ وعلا: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23، 24]. وقوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا﴾ [الإسراء: 28].
فلا يحلُّ لك أن تنهرها وإن نهرتك، ولا أن تَسُبَّها وإن سبَّتْك، ولا أن تقطعها وإن قطعتك، لقد ابتلاك الله بها ليبلوك أتصبر أم تجزع وتكفر؟
دَعْ عنك قضيَّة عقوق الآخرين، فلستَ ديَّانًا على النَّاس، إنما يُحاسب النَّاسَ ربُّ النَّاسِ، وإنما يُمكنك التأمُّل في مثل هذه المواقف لتأخذ منها العبرة، ولتتجنب أن يحيق بك سوء عملك كما حاق بالآخرين، والعاقلُ من شغلته عيوبُه عن عيوب النَّاس، وإن من النَّاس مُبتلًى ومُعافًى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية.
ونسأل اللهَ أن يُعينك على ما ابتلاك به، وأن يُوفِّقك إلى أن تُريه من نفسك خيرًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend