النصيحة في مجتمعات ترفضها وتعدها تدخلًا في شئونها

ما حكم النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمعات ترفض النصيحة وتعدها تدخلًا في شئونها الخاصة؟ وما معنى قوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: 105]؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
تظل النصيحة واجبة ما قُبلت منك وانتفع الناس بها، ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ [الأعلى: 9]، أما إذا رأيت شحًّا مطاعًا وهوى متبعًا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة(1). أما قوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: 105] فلا شك أنه حق، ومن الهُدى أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فإن فعلت ذلك فلا يضرك ألا يقبل منك ذلك؛ لأن عليك البلاغ وليس عليك أن يقبل الناس ما تبلغهم به(2). ونسأل الله لك التوفيق والهدى. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرج الترمذي في كتاب «تفسير القرآن» باب «ومن سورة المائدة» حديث (3058) عن أبي أمية الشعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: أيَّةُ آية؟ قلت: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: 105] ، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرًا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْـمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْـجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ»، وقال الترمذي: «حديث حسن».

(2) وشاهد ذلك الحديث الذي أخرجه أحمد في «مسنده» (1/4) حديث (1)، وأبو داود في كتاب «الملاحم» باب «الأمر والنهي» حديث (4338)، والترمذي في كتاب «الفتن» باب «ما جاء في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر» حديث (2168)، عن قيس قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها:﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105] قال: عن خالد وإنا سمعنا النبي ﷺ يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشَك أن يعمهم الله بعقاب». وقال الترمذي: «صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend