الخوف من تحقق الرؤيا

أنا في شدة الهم والحزن، لقد تكرر عندي حلم معين أكثر من مرة وكنت أنزعج منه لأني لا أعرف تفسيره، وقررت أن أبحث عن تفسيره، وفوجئت بأن هناك تفسيرًا واضحًا لما رأيت بالضبط في منامي أكثر من مرة؛ علمًا بأن هذا التفسير هو لابن سيرين. هل هناك أي أمل في ألا ينطبق عليَّ هذا التفسير؟ بالرغم من مطابقة حلمي لما وصف بالضبط في «تفسير ابن سيرين». هل هناك أي دليل يمكن أن يريحني؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الأحلام أيها الحبيب ثلاثة أنواع: منها رحماني، ومنها نفساني، ومنها شيطاني. قال النبي ﷺ: «الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِـحَةِ بُشْرَى مِنَ الله، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْـمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ»(1).
وصدق الرؤيا بحسب صدق الرائي، فأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثًا، ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرَّ الصدق وأكل الطيبات، والمحافظة على الأمر الشرعي واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله ﷺ، وينام على طهارة كاملة مستقبل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة.
يقول الحافظ ابن حجر: «جميع المرائي تنحصر على قسمين:
أ- الصادقة، وهي رؤيا الأنبياء ومَن تبعهم مِن الصالحين، وقد تقع لغيرهم بِنُدُورٍ (أي نادرًا كالرؤيا الصحيحة التي رآها الملك الكافر وعبرها له النبي يوسف عليه السلام )، والرؤيا الصادقة هي التي تقع في اليقظة على وفق ما وقعت في النوم.
ب- والأضغاث وهي لا تنذر بشيء، وهي أنواع:
الأول: تلاعب الشيطان ليحزن الرائي؛ كأن يرى أنه قطع رأسه وهو يتبعه، أو رأى أنه واقع في هَوْل ولا يجد من يُنجده، ونحو ذلك.
والثاني: أن يرى أن بعض الملائكة تأمره أن يفعل المحرمات مثلًا، ونحوه من المحال عقلًا.
الثالث: أن يرى ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه فيراه كما هو في المنام، وكذا رؤية ما جرت به عادته في اليقظة، أو ما يغلب على مزاجه ويقع عن المستقبل غالبًا وعن الحال كثيرًا وعن الماضي قليلًا(2).
والقاعدة أيها الحبيب أن من رأى شيئًا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثًا ويستعيذ بالله من شرِّها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضرُّه.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال: قال النبي ﷺ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الله فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ»(3).
وعن أبي قتادة قال: قال النبي ﷺ: «الرُّؤْيَا الصَّالِـحَةُ مِنَ الله وَالْـحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ»(4). والنفث: نفخٌ لطيف لا ريق معه.
وعن جابر رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ»(5).
وعلى هذا فاكتُم رؤياك ولا تقصصها على أحد، وتعوَّذ بالله من شرها ولن تضرَّك بإذن الله. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) أخرجه مسلم (2263).

(2) انظر: «فتح الباري» (12 /352- 354).

(3) أخرجه البخاري (6985).

(4) أخرجه البخاري (6995).

(5) أخرجه مسلم في كتاب «الرؤيا» حديث (2262).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend