البكاء من خشية الله

كيف نبكي من خشية الله؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يبكون عند أدنى شيء يذكرهم بالله جل وعلا، فروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه  قرأ مرة: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ *  مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾ [الطور: 7، 8]. فأنَّ أنَّة عِيد منها عشرين يومًا(1).
ولكي تبكي كما بكوا لابد أن تتأسَّى بهم في هديهم وسَمْتهم وحضور قلوبهم في مجالس الذكر والطاعة، فإذا استمعت إلى القرآن فتذكر أنك المُخاطَب به، وكأن الله جل وعلا يكلمك به مباشرة، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله ﷺ، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37].
ثم كُنْ يقظًا لما قد يعرض لقلبك من أمراض معنوية كالحسد والكِبْر والعُجب والحقد ونحوه، واحذر من الإصرار على الذنوب، فإن الذنوب تُميت القلوب، وكن من هؤلاء الذين ذكر الله عنهم أنهم: ﴿إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135].
واعلم أن الذنب يَنكُت في القلب نكتةً سوداء، فإن لم تُبادرها بالتوبة زادت حتى تعلو قلبك فذلك الرَّانُ، والران هو الذنب فوق الذنب حتى يعمى القلب.
ثم اضرع إلى الله في الأسحار أن يرزقك قلبًا خاشعًا وعينًا تبكي من خشيته. والله المستعان، وعليه التكلان، والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه الثعالبي في «تفسيره» (1/8).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend