اتقاء شر الحاسدين

عندي مشكلةٍ ولا أعرف ماذا أفعل، أنا فتاة عمري 27 سنةً، وقد طلبني الكثيرُ للزَّواج، ولكن في كلِّ مرَّةٍ أصلِّي صلاة الاستخارة ولم يحصل نصيبٌ، وأنا أحكي للبنات كلَّ شيءٍ. فقالت لي صديقتي: أنتِ محظوظةٌ؛ في كلِّ مرَّةٍ يطلبونك للزَّواج وأنا لا يطلبني أحدٌ.
منذ هذه الحادثة لم يتقرَّب إليَّ أحدٌ، وليس لي صديقاتٌ، لا أعلم لماذا لا يُحبُّني ولا يسأل عليَّ أحدٌ، وأنا أُحبهم، وبعضهن يتكلَّم عليَّ بالسُّوء ولا أتكلم معهن، وأقسم بالله أني لا أؤذي أيَّ أحدٍ. فماذا أفعل؟ بارك اللهُ فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فاعلمي يا أمة الله علم اليقين أنه لا يسوق الخيرَ إلا اللهُ، ولا يصرف السُّوء إلا الله، وأن البشرَ لو اجتمعوا على أن يَضُرُّوك بشيءٍ لن يَضُرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك(1)، فأحسني الظَّنَّ بمولاك، وجدِّدي ثقتك به واعتمادك عليه، وفي نفس الوقت اعلمي أنه لم يَزَلِ الحسدُ موجودًا في النَّاس!
ولهذا فإن من الحكمة أن نستعين على قضاء حوائجنا بالكتمان(2)، وألا نُعرِّض نِعَم الله علينا لحسد الحاسدين أو لضغينة الشَّانئين! وإذا خشيتِ أن تُصيبك عينٌ بسوءٍ فبركي وقولي: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. واستديمي الاستخارةَ واصدقي اللهَ في الدُّعاء، وستجدين من رَوْحه وفرجه إن شاء الله ما لم يكن يَخطِر لك على بالٍ. وفَّقنا الله وإيَّاك إلى ما يُحِبُّه ويرضاه، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (1/293) حديث (2669)، والترمذي في كتاب «صفة القيامة والرقائق والورع» باب «ما جاء في صفة أواني الحوض» حديث (2516)، من حديث ابن عباس ب قال: كنت خلف رسول الله ﷺ يومًا فقال: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ الله يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (5302).

(2) ففي الحديث الذي أخرجه الطبراني في «الصغير» (2/292) حديث (1186) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: «استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/292) وقال: «رواه الطبراني في الثلاثة وفيه سعيد بن سلام العطار، قال العجلي: لا بأس به. وكذبه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات إلا أن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend