إقامة الرجل الصبي للجلوس مكانه

نهى الرَّسولُ ﷺ أن يُقيم الرَّجُلُ الرَّجُلَ من مكانه ويجلس هو فيه(1)، فهل ينطبق هذا الكلام على الصبيان، حيث يأتي رجل ويُقيم صبيًّا عنده خمسةَ عشر عامًا ويجلس هو، والصبي يقول له حديث الرَّسول فيردُّ عليه الرَّجُل بأن الرَّسول قال: «الرَّجُلُ يُقِيمُ الرَّجُلَ»، وأنت لست رجلًا، بل صبيًّا. فما حكم ذلك؟
وهل لو قام الشَّابُّ للرجل الكبير في السِّنِّ أو المرأة يكون خالف نصَّ رسول الله ﷺ؟ أفيدونا بالله عليكم؛ نظرًا لتكرار هذا الأمر خاصَّة في وسائل الموصلات.

________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد في مكانه» حديث (911)، ومسلم في كتاب «السلام» باب «تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه» حديث (2177)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن صاحبَ المجلس أحقُّ به إذا سبق إليه، ولا ينبغي لأحدٍ أن يُقيم أحدًا من مكانه ليجلس فيه بدلًا منه، ولكن لا يخفى أن من الأدب ومكارم الأخلاق أن يقوم الصَّغير مختارًا طواعيةً لمن هوأكبر منه سِنًّا ليُجلسه مكانه، فـ«إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ الله إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْـمُسْلِمِ»(1)، وما وَقَّر صغيرٌ كبيرًا إلا قيَّض اللهُ له من يُوقِّره في زمن كبره وشيخوخته، ولا يصح أن يُقال: إن الشَّاب إذا قام للرجل الكبير يكون قد خالف هَدْي رسول الله ﷺ؛ لأن ما جاء في الحديث إِنَّمَا هو نهيٌ عن أن يُقيم الرَّجُل غيره ليجلس بدلًا منه، أمَّا أن يقوم الصَّغيرُ للكبير والشَّابُّ للشيخ فهو من جملة القربات ومكارم الأخلاق. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في تنزيل الناس منازلهم» حديث (4843) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (2/118) وقال: «إسناده حسن»، والعراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/491) وقال: «إسناد حسن».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend