حــول حكم العمل فى القضاء
الســؤال:
ما حكم العمل فى القضاء إذا كان هناك قوانين وضعية تخالف الشريعة، وهل من يعمل بالقوانين الوضعية يدخل تحت
هذه الآية ( ومن لم يحكم بما انزل الله ) الى آخر الأيات فى سورة المائدة
الجــواب:
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعــد:
❐فلقد أرسل الله رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط، وسبيلهم إلى ذلك تحكيم شرائعه لقيامها على العدل المطلق،
ونبذ ما خالفها من الأهواء والتراتيب البشرية، فلايجوز التحاكم إلي القضاء الوضعي إلا عند انعدام البديل الشرعي
القادر على رد الحقوق واستخلاص المظالم، على أن تكون مطالبه أمامه مشروعة،
وأن لا يستحل من أحكامه إلا ما وافق الشريعة
❐ فمن حكم له بغير حقه فلا يأخذه، لأن حكم القاضي لا يحل حراما ولا يحرم حلالا فإنه كاشف وليس بمنشئ.
ولمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا قررا حول العمل فى القضاء و توابعه خارج ديار الإسلام
وذلك في دورة مؤتمره الثاني بمدينة كوبنهاجن بدولة الدنمارك أسوقه لك بنصه ومنه يعلم الجواب،
العمل القضائي خارج ديار الإسلام؛ ما يحل منه وما يحرم …
📍أولًا: الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع وحده، والحكم بغير ما أنزل الله من المحرمات القطعية في الشريعة،
وهو سبيل إلى الكفر أو الظلم أو الفسق بلا نزاع.
📍ثانيًا: الأصل هو وجوب التحاكم إلى الشرع المطهر داخل ديار الإسلام وخارجها، فإن أحكام الشريعة تخاطب المسلم حيثما كان،
وتحكيم الشريعة عند القدرة على ذلك أحد معاقد التفرقة بين الإيمان والنفاق.
📍ثالثًا: إذا لم يكن سبيل إلى التحكيم الملزم للشريعة، على مستوى الدول والحكومات فإن هذا لا يسقط
وجوب تطبيقها على مستوى الأفراد والتجمعات، فإن الميسور لا يسقط بالمعسور، وفي التحكيم والصلح ونحوه بدائل
عن اللجوء إلى التحاكم إلى القضاء الوضعي القائم على خلاف الشريعة.
📍رابعًا: يرخص في اللجوء إلى القضاء الوضعي عندما يتعين سبيلًا لاستخلاص حق أو دفع مظلمةٍ في بلد لا تحكمه الشريعة
لانعدام البديل الشرعي القادر على ذلك، سواء أكان ذلك داخل بلاد الإسلام أم كان خارجها، ويقيد ذلك بما يلي:
– تعذر استخلاص الحقوق أو دفع المظالم عن طريق القضاء أو التحكيم الشرعي، لغيابه أو العجز عن تنفيذ أحكامه.
– اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة، والاقتصار على المطالبة به
والسعي في تنفيذه؛ لأن ما زاد على ذلك ابتداء أو انتهاء خروج على الحق وحكم بغير ما أنزل الله.
– كراهية القلب للتحاكم إلى القضاء الوضعي، وبقاء هذا الترخص في دائرة الضرورة والاستثناء
📍خامسًا: يشرع العمل بالمحاماة للمطالبة بحق أو دفع مظلمة، سواء أكان ذلك أمام القضاء الشرعي أم أمام القضاء الوضعي،
وسواء أكان ذلك في بلاد الإسلام أم كان خارجها، وكل ما جاز فيه التحاكم بالأصالة جاز فيه التحاكم بالوكالة،
ولا حرج في توكيل المسلم لغير المسلم في الخصومة، سواء أكان الخصم مسلمًا أم غير مسلم.
ويشترط لجواز العمل بالمحاماة ما يلي:
– عدالة القضية التي يباشرها بحيث يكون وكيلًا عن المظلوم في رفع مظلمته، وليس معينًا للظالم على ظلمه.
– شرعية مطالبه التي يرفعها إلى القضاء ويطالب بها لموكله
📍سادسًا: يحرم تقلد ولاية القضاء في ظل سلطة لا تؤمن بالشريعة، ولا تدين لحكمها بالطاعة والانقياد،
إلا إذا تعين ذلك سبيلًا لدفع ضرر عظيم يتهدد جماعة المسلمين، ويرجع في تقدير هذا الضرر إلى أهل الفتوى،
ويشترط للترخص في هذه الحالة ما يلي:
– العلم بأحكام الشريعة الإسلامية، والقضاء بأحكامها ما أمكنه ذلك.
– كون الغاية من هذا الترخص تخفيف ما يمكن تخفيفه من الشرِّ عن المسلمين وتكثير ما يستطيع تكثيره من الخير لهم.
– اختيار أقرب تخصصات القضاء لأحكام الشريعة الإسلامية ما أمكن.
– كراهية القلب لتحكيم القانون الوضعي، وبقاء هذا الترخص في دائرة الضرورة والاستثناء
📍سابعًا: لا حرج في دراسة القوانين الوضعية المخالفة للشريعة أو تولى تدريسها للتعرف على حقيقتها وبيان فضل أحكام
الشريعة عليها، أو للتوصل بدراستها إلى العمل بالمحاماة لنصرة المظلومين واستخلاص حقوقهم،
بشرط أن يكون عنده من العلم بالشريعة ما يمنعه من التعاون على الإثم والعدوان
📍ثامنًا: تولي الصالحين الأكفاء من المسلمين بعض الولايات العامة خارج بلاد الإسلام أو في البلاد التي تحكم بالقوانين
الوضعية المخالفة للشريعة، أولى من تركها لأهل الشر والفساد، وبطانة السوء الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون،
كما فعل نبي الله يوسف
📍تاسعًا: يجوز أن يشارك المسلم كعضو في هيئة- مُحَلفين- شريطة أن يكون حكمه بما يوافق الشرع،
بغرض إنصاف المظلومين من المسلمين وغيرهم، فيعيد لهم حقوقهم، وينتصر لهم من ظالميهم، ولا يحكم على أحد منهم بجور.
📍عاشرًا: يجب على المسلمين المقيمين خارج ديار الإسلام أفرادًا وجماعات أن يسعوا إلى إيجاد البديل الشرعي
عن القضاء الوضعي، وذلك عن طريق مجالس الصلح والتحكيم ونحوه، والسعي إلى التسكين القانوني لهذه الآليات،
والحصول على إقرار دول إقامتهم بأحكامها، وعليهم أن يتواصوا فيما بينهم بالأخلاق الإسلامية الكريمة التي تقيهم الخصومات
ابتداءً.
وأخيرا، فإنه يتعين على الجاليات الإسلامية العمل على تسوية منازعاتهم صلحا في إطار التحكيم الشرعي،
والسعي بالطرق القانونية لدى الدول التي يقيمون فيها لتمكينهم من التحاكم إلى شريعتهم لا سيما في باب الأحوال
الشخصية)،
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم
يمكنكم الإطلاع على المزيد من الفتاوى الخاصة بالقضاء لفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي