أريد أن أسال يا شيخنا عن حكم التَّكسُّب من الرِّياضة بسائر أنواعها، أي أن يتَّخذ الشَّخص نوعًا من أنواع الرِّياضة على سبيل المثال كرة القدم عملًا له يتكسَّب منه رزقه ولا يعمل عملًا سواه؟ وما حكم من يلعب لنادٍ في دولة كافرة ويأخذ أجرةً من هذا النادي أو يُشارك في مسابقةٍ أو كأس في دولة كافرة ويأخذ جوائز من هذه الدَّولة؟ بارك الله فيك وأمدك بالصِّحَّة والعافية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن النَّظَر في هذا يتوقَّف على ثلاثة أمور:
الأول: ما يصحب الرِّياضة من كشف العورات في الغالب، وقد علمت أن الفَخِذ عورةٌ في الصَّحيح من أقوال أهل العلم.
الثَّاني: مصدر تمويل هذه الأندية التي تُشرف على هذه الألعاب، فإن كانت تقوم على المسابقة بين الأندية، وتتكسَّب من فوزها من هذه المسابقات فهذا هو الميسر المُحرَّم؛ لأنه «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ»(1) كما أخبر المعصوم ﷺ، وليست كرة القدم بشيء من هذه الثَّلاثة، ولا يُمكن قياسها على واحدٍ منها.
الثَّالث: ما قد يتضمَّنه الاستغراق في هذا الأمر من صدٍّ عن ذِكر الله وعن الصَّلاة في بعض الأحيان.
فإن خَلَتِ اللُّعبة من هذه المحاذير، فغطَّى اللاعبُ عورته، ولم يكن تكسُّب الأندية من خلال مسابقاتها، بل من خلال ما يُخصَّص لها من الجهات العامة، ولم تُلْهِ المُشتغلَ بذلك عن ذِكر الله وعن الصَّلاة فتَبْقى على أصل الحِلِّ، وإلا فالحزم هو اجتناب التكسب من هذا الطريق ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ﴾ [التوبة: 28]. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه أبو داود (2574). وقال ابن حجر في التلخيص (4/1520): من طرق وأعل الدارقطني بعضها بالوقف.