ما الحكم لو اقترضت من رجل 100جنيه ثم مرَّ عليها مدَّة من الزمن كبيرة ومع تغير قيمة النقود صار يُطالبني بأكثر من ذلك؟ فهل هذا من باب الربا المحرم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تُقضى بأمثالها، وكل زيادة مشروطة فهي من قبيل الربا المحرم بلا نِزاع، ولا يجوز ربط الديون الثابتة في الذِّمة أيًّا كان مصدرها، بمستوى الأسعار تحيلًا على استحلال الزيادة الربوية، ولكن يجوز للمقرض أن يختار العملة التي يقرض بها إن كان يظن أنها أكثر ثباتًا واستقرارًا من غيرها، على أن يقرض بها بالفعل ولا يكتفي بمجرد ربط الوفاء بالقرض بها وعليه أن يستصحبَ دائمًا أن العقدَ من عُقود الإرفاق في الشريعة وليس من عقود الاستثمار التي يكون مبناها على المماكسة والمشاحة، وأن غايتَه رفعُ الضيق عن الصديق، فالثواب عليه من جنس الثواب على الصدقة لما يتضمنه من تفريج كُربة عن معسرٍ، و«مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»(1)، هذا ولا يُستثنى من هذا الأصل وهو ما سبق من أن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة- إلا حالات انهيار العملة أو إلغاء التعامل بها فعندئذ يكون الرد بالقيمة. وهل تُحسب على أساس يوم الاقتراض أم يوم حدوث النَّازلة من الانهيار أو الإلغاء؟ خلاف بين أهل العلم. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مسلم (2699).