أنا أعمل في شركة خاصة بالبيع على الإنترنت بمسمى وظيفي «مدير مشتريات»، ولتوضيح آلية عملها فهي كالتالي:
تقوم بالاتفاق مع الموردين على السياسة التالية: نقوم بعرض ما لديهم من بضائع وأصناف على الإنترنت، وبحسب الكميات الموجودة في مخازنهم، وتتفق معهم على سعر الشراء منهم في حال تم البيع، وتقوم بسداد قيمة ما نشتريه منهم بعد 30 يومًا.
أما بالنسبة لوضع آلية الربح للشركة فهي تقوم بوضع نسبة تقديرية تتراوح بين 15% و20% على معظم الأصناف التي تقوم ببيعها.
ووظيفتي التي أتقاضى منها راتبي تمكنني من البحث عن مُورِّدين للقسم والأصناف الخاصة بي في الشركة، وضمن شروط الدفع المناسبة لسياسة شركتنا مع مورديها، والتي تحددها بفترة سداد 30 يومًا، وتكون داخل المنطقة الجغرافية للشركة لضمان توريدها لنا بسرعة في حال تم بيعها.
وخلاصة الكلام، أنني لا أطلب شراء أي سلعة من أي مورد إلا إذا تم طلب شرائها من زبائننا على الإنترنت، وبناءً على التوضيح أعلاه أود الفتوى بخصوص التالي:
• كون الشركة لا تتعامل إلا مع موردين داخل مدينتها وبشروط السداد بعد 30 يومًا، وهذا النظام في بعض الأحيان لا يناسب الكثير من الموردين، مع العلم بأنه يمكن أن نقوم بالحصول على أسعار وخصومات أفضل على المنتجات منهم في حال تم الدفع فورًا «كاش».
فلو قمت بشراء بضائع على حسابي الخاص والتي تخصُّ قسمي من هؤلاء الموردين وبتخزين السلع عندي وإعادة بيعها لشركتي وبأسعار مماثلة أو أقل من الأسعار التي يحصلون عليها من الموردين الداخليين واستفدت من الخصم الممنوح لي كوني دفعت عن طريق «الكاش» وبعتها بأجل لشركتي فهل يجوز لي ذلك؟
• في حال ما إذا استوردت بضائع تخص قسمي على حسابي الخاص من الخارج وقمْتُ بعرضها من خلال موقع الشركة ووضعت نسبة الربح المعتادة لصالح الشركة، مع العلم بأن البضاعة التي سأقوم باستيرادها يمكن أن تُباع أو لا تباع، وفي حال أنها لم تُبَعْ سأخسر فيها، فهل يجوز ذلك؟
• في حال ما إذا قمْتُ بشراءِ بضائعَ لا تخص قسمي ولا أتقاضى من هذا القسم أي راتب ولا هو من ضمن مسئوليتي أو صلاحياتي وقمت ببيع هذه البضائع والاستنفاع منها، فهل يجوز لي ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا تفعل شيئًا في الخفاء وأنت تكرَهُ أن يطَّلِع عليه الناس، إن وضعك الوظيفي في الشركة ينشئ ما يسمى في عرف العمل بتعارض المصالح، واستغلال الوظيفة لتحقيق أرباح خاصة، وذلك عندما تقوم بعمل من الأعمال الخاصة بالشركة من خلال مؤسسة خاصة تمتلكها وتديرها، قد يَسَعُكَ هذا بتخريج أو بآخر في باب الديانة، ولكنه لا يسعُكَ في باب القضاء وأحكام الظاهر، وسيجعل للمراقب سبيلًا إلى عرضك.
والمخرج من هذا أن تُخبرَ صاحب العمل بما تعتزم عليه، فإن باركه وطيَّبَه فقد طاب، ولا حرج عليك في ذلك، وإلا فدَعْ ما يَرِيبك إلى ما لا يَرِيبك(1). والإثم ما حاك في صدرك وكَرِهْتَ أن يطلع عليه الناس(2). والله تعالى أعلى وأعلم.
——————————
(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (1/ 200) حديث (1723)، والترمذي في كتاب «صفة القيامة والرقائق والورع» حديث (2518) من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما بلفظ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ». وقال الترمذي: «حسن صحيح». وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (12).
(2) فقد أخرج مسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «تفسير البر والإثم» حديث (2553) من حديث النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: «الْبِرُّ حُسْنُ الْـخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ».