أنا أشارك أحد الأشخاص في تجارة بموادِّ التَّغليف المصنوعة من البلاستيك، وفي أحد التَّوريدات لإحدى الشَّركات أعطى لهم كمية بضاعة أكبر مما كتب في الفاتورة وإِذْنِ تسليم البضاعة، ولم يكتشف العجز إلا عند جرد المخزن، وقد كان مضى فترة على التَّوريد مما يستحيل معه الرُّجوع للشركة المُورَّد إليها البضاعة الزائدة لمراجعة المخزون؛ لأنهم كانوا قد استهلكوها، وكان الحلُّ من وجهة نظر شريكي أن نُعطيهم خامةً أخرى أرخص ثمنًا من نوع خامة البلاستيك التي يستخدمونها لتعويض فارق الكمية الموردة إليهم بالخطأ من خلال فرق الأسعار بين الخامتين. فهل هذا حلالٌ أم حرام؟ مع العلم بأنني لا أعلم بالضَّبط قيمة العجز الموجود في المخزن عندنا، حيث إنني لا أثق في كلام شريكي؛ لأن وازعه الدِّينيَّ من ناحية الحلال والحرام غير قويٍّ، ولا أعرف هل أخذ نصيبي من عمليَّة البيع هذه أم لا، مع العلم أنني أعلمته أكثر من مرة بأن هذا غشٌّ في البيع فقال لي: لا توجد طريقة أخرى لاسترداد قيمة العجز. مع العلم بأنني في أشدِّ الحاجة إلى أي مبلغٍ لسدِّ متطلَّبات حياتي الضَّرورية مع الحرص على أن يكون هذا من مال حلال. وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كان كلامُ الشَّريك دقيقًا، وكانت الخامة الجديدة الأقلُّ جودةً لا تُسبِّب مضرَّة لمستخدمها، سواء أكانت مضرَّة شخصيَّة أم تجاريَّة، وكان فرق التِّكلفة بين الخامة القديمة والخامة الجديدة يساوي فرق العجز المستحقِّ لدى الشَّركة، والذي لم يتمكَّن من استيفائه لتقادمه أو افتقاد الأدلَّة لإثباته، ولم تكن هناك وسيلةٌ أخرى لاستيفاء الحقِّ إلا من خلال هذا الطَّريق، فإن هذا المخرج قد يسعه في باب الدِّيانة.
أما في باب القضاء والحكم بالظاهر فإنه لا يسعه لو اكتُشف أمرُه؛ إذ لن يقبل منه ساعتها الاحتجاجُ بهذه القصة، وسيُعامل قانونًا بما يُعامل به من ارتكب جريمة غشٍّ.
بالنِّسبة لك ربما كان أطيب لك أن تتنازلي عن ربح هذه الصَّفقة تورُّعًا؛ نظرًا لما ذكرتِ من عدم ثقتك بوازعه الدِّينيِّ وتصرُّفاته التي تتعلَّق بالحلال والحرام، ومَن ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.