أعطيتُ شخصًا مبلغًا من المال لتشغيله معه في بيع درَّاجات بخاريَّة كاش مقابل نسبة من الرِّبْح والباقي لي، ثم اكتشفتُ بعد فترة أنه يبيع بالقسط ثم يشتريها من المشتري بعد ذلك بأقل من المبلغ الذي باعها به، وذلك من دون أن يتسلَّم المشتري ما اشتراه، وقد واجهتُه بما عرفتُ فأنكر ذلك، فطلبتُ منه ردَّ المبلغ.
السُّؤال: هل المبالغ التي حصلتُ عليها كأرباحٍ حلالٌ أم حرام؟ وهناك مبالغُ أخذتُها بعد علمي بذلك، هل يحقُّ سداد ديوني منها، أم أتبرَّع بها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذا الذي فعله شريكك من العِينَة الـمُحرَّمة(1)، وهي بَيْعٌ يتحيَّل به على قرضٍ بزيادةٍ وتدخل السِّلعة وسيطًا صوريًّا لا يُريد البائعُ بيعَها ولا المشتري شراءها، ولا أَرَب لهما من وراء ذلك إلا التَّحيُّل على قرضٍ بزيادة.
والكسبُ الذي تولَّد عن ذلك كسبٌ خبيث تولَّد عن عقودٍ فاسدة، وإذا لم يُمكن ردُّ هذا الفرق إلى الطَّرَف الآخر في هذه العقود الـمُحرَّمة فإنه يُتخلَّص منه بتوجيهه إلى أحد المصارف العامَّة، ولا تتموَّله ولا تنتفع به.
مع ملاحظة التفريق بين ما كان من ذلك الكسب قبل علمك فإنه يُعفى عنه لعدم عِلمك بتلاعب شريكِك في عمله، ويكون ردُّه احتياطًا، وما أخذته منه بعد علمك فإنه يجب ردُّه، فإن لم يتيسَّر ذلك فالتخلُّص منه على النحو الذي سِيق بيانه.
زادك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) فقد أخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/282) حديث (20154) عن مسروق: قال: «العينة حرام».