أشكركم على هذه الخدمة الطيبة وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرًا وبعد: فأنا إمام مسجد «تاكوما» في ولاية واشنطن سياتل فوددت أن أسألكم سؤالًا سألنيه الإخوة المسئولون عن المسجد، والسؤال هكذا:
هل يجوز لنا شرعًا أن نُدخل مبنى المسجد تأمينًا بمعني أنه لو حصل في المبنى أو على المبنى أي شيء لا سمح الله مثل الحريق أو الهدم هم سيعطون المسجد عوضًا، علمًا أن هذا النوع هو من التأمين غير الإجباري لكن لو لم ندخل المسجد هذا التأمين مثلًا وشخص انزلق في المسجد ورفع قضية ضد المسجد على أهل المسجد أن يعطوا عوضًا لهذا الشخص وإلا الدولة تبيع المبنى وتعطيه كعوض لهذا الشخص فمعناه أننا مضطرون إلى هذا التأمين. فما هو حكمه الشرعي؟ مع ذكر الأدلة الشرعية، جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الأصل في عقود التأمين التجارية أنها من العقود الفاسدة لما يشوبها من الربا والغرر والميسر وغير ذلك من أسباب الفساد وفقًا لما هو مفصل في قرارات المجامع الفقهية التي صدرت بتحريم التأمين التجاري وبيان أوجه فساده والأصل أن البديل من ذلك هو التأمين التكافلي الذي يقوم على التعاون والتبرع، ولا يستهدف به أصحابه ربحًا، ويكون المؤمِّن والمؤمَّن عليه في هذه العقود شخصًا واحدًا، ما كان من فائض فهو لهم وما كان من عجز فهو عليهم، وقد نشأت لذلك شركات كبرى في الشرق وأدت دورها بنجاح منقطع النظير، تمامًا كما قامت بنوك إسلامية وأدت دورها في تقديم البدائل الإسلامية في عالم الاستثمار ولا تزال.
إذا تقرر هذا فنقول: إن المحرمات تبيحها الضرورات، كما يبيح بعضها الحاجات العامة الماسَّة التي تنزل منزلةَ الضرورات، فإذا غلب على الظن بالاستقراء والشواهد العملية أن الحاجةَ ماسَّة إلى هذا التأمين بالنسبة لبعض المساجد في بعض المواضع نظرًا لعموم البلوى ومسيس الحاجة وعدم وجود البديل الإسلامي، وأن عدمَ التأمين قد يؤدي إلى فَقْدِ المسجد أو ضياع أمواله بالكلية، فإننا نكون أمام حالة يتسنَّى معها الترخص في هذا التأمين وذلك إلى أن يتسنَّى وجود البديل الإسلامي الذي تندفع به هذه الحاجة، والله تعالى أعلى وأعلم.