نرجوا إفادتنا فيما يلي:
مجموعة من الأشخاص أنشأوا شركة وجعلوا لأحد أصدقائهم حصة فيها دون مقابل، علمًا بأن الشركة بدأت بدون رأس مال مدفوع؛ إذ اعتمدت على تمويل أحد البنوك الإسلامية، ونمت هذه الشركة وربحت بفضل الله، وبعد 25 سنة طلب الشركاء من هذا الصديق أن يتخارج على أن يعطوه حقه فقَبِل، وقدروا هذا الحق وأعطوه منه ٤٠%، ثم حصلوا منه على عقود التخارج وامتنعوا عن سداد باقي الحق، بدعوى أنهم عندما جعلوا له حصته قبل 25 عامًا، إنما جعلوها له ولشقيقه، في حين أنهم لم يبلغوه بذلك في حينه، وظهر شقيقه يطالبه بنصف الحق المقرر له زاعمًا أنه كان يعلم ذلك منذ 25 عامًا، علمًا بأنه كان يرى أخاه يتصرف في الحصة تصرف المالك المفرد، ولم يطلب منه أية معلومة أو ميزانية أو موقفًا ماليًّا أو شيئًا من حقه المدَّعى، رغم تواتر الدواعي المقتضية لذلك من ظروف اجتماعية واقتصادية وصحية طيلة الخمسة وعشرين عامًا.
والسؤال:
أ- هل يجوز لهؤلاء الشركاء التوقف عن سداد باقي الحق نظير هذه الحجة المدَّعاة؟
ب- هل يرتب هذا الزعم لهذا الشقيق حقوقًا على شقيقه؟
نرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر(1)، لقد اتفق الجميع على حصة هذا الشريك ولكنهم دفعوا له بعضَها وأمسكوا بقيتها زاعمين أنها لأخيه، فما بينتهم على ذلك؟ وإذا كانوا قد أقرُّوا بهذه الحصة لأخيه فهلَّا بذلوها له وقد جاء ساعيًا إلى اقتضائها مُصِرًّا على مطالبته بحقه فيها؟ ولماذا سكت هذا الأخ عن المطالبة بحقه طوال هذه المدة وقد توافرت الدواعي لهذه المطالبة وانتفت الموانع؟ ينبغي أن يُسأل وأن يُستمع لدفاعه! الذي يظهر أننا أمام خصومة لا يصلح فيها الإفتاء عن بُعد، بل ينبغي أن يجلس لها محكَّمون صالحون يستمعون إلى أطراف الخصومة، ويعظونهم، ويحكمون بينهم بما أراهم الله عز وجل وفق القواعد الشرعية المعتبرة. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) ففي الحديث متفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «تفسير القرآن» باب ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 77] حديث (4552)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «اليمين على المدعى عليه» حديث (1711)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَـهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْـمُدَّعَى عَلَيْهِ».