أحد البنوك العاملة في الجزائر يتعامل بالصِّيغة التَّالية: «نؤجِّر لك سيارةً لمدة ثلاث سنوات بثمن معلوم، على أن تشتري هذه السَّيَّارة بعد السَّنَوات الثَّلاث بواحد بالمائة من ثمنها الأصليِّ». فهل هذا التَّعامل صحيح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنه إذا انفصل العقدان والتزم البنك طوال سريان مُدَّة الإجارة بالتزامات المؤجِّر فلا حرج، فإن للإجارة المنتهية بالتمليك ضابطًا للجواز وضابطًا للمنع.
وأودُّ أن أضع بين يديك القواعد الحاكمة للإباحة والمنع في هذا العقد وَفْقًا لما قرَّره مجمع الفقه الإسلامي التابع لمُنظَّمة المؤتمر الإسلامي رقم: 110 (4/12) [1] في دورته الثَّانية عَشْرة بالرِّياض في المملكة العربيَّة السُّعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى 1 رجب 1421هـ، الموافق 23- 28 أيلول (سبتمبر) 2000م؛ حيث قرَّر ما يلي:
الإيجار المنتهي بالتَّمليك:
أوَّلًا: ضابط الصُّور الجائزة والممنوعة ما يلي:
أ- ضابط المنع: أن يرد عقدان مختلفان، في وقتٍ واحد، على عين واحدة، في زمنٍ واحد.
ب- ضابط الجواز:
1. وجود عقدين منفصلين يستقلُّ كلٌّ منهما عن الآخر زمانًا، بحيث يكون إبرامُ عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتَّمليك في نهاية مُدَّة الإجارة. والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
2. أن تكون الإجارة فعليَّة وليست ساترة للبيع.
ج- أن يكون ضمانُ العين المؤجَّرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمَّل المؤجِّر ما يلحق العين من غير تلفٍ ناشئٍ من تعدِّي المستأجر أو تفريطه، ولا يُلزم المستأجر بشيءٍ إذا فاتت المنفعة.
إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجَّرة فيجب أن يكون التَّأمين تعاونيًّا إسلاميًّا لا تجاريًّا، ويتحمَّله المالك المؤجِّر وليس المستأجر.
د- يجب أن تنطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتَّمليك أحكامُ الإجارة طوال مُدَّة الإجارة، وأحكام البيع عند تملُّك العين.
هـ- تكون نفقات الصِّيانة غير التَّشغيليَّة على المؤجِّر لا على المستأجر طوال مُدَّة الإجارة.
ثانيًا: من صور العقد الممنوعة:
أ- عقد إجارة ينتهي بتملُّك العين المؤجَّرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال الـمُدَّة المُحدَّدة، دون إبرام عقدٍ جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية الـمُدَّة بيعًا تلقائيًّا.
ب- إجارةُ عينٍ لشخص بأجرة معلومة، ولمدة معلومة، مع عقدِ بيعٍ له، مُعلَّقٍ على سداد جميع الأجرة الـمُتَّفق عليها خلال الـمُدَّة المعلومة، أو مضافٍ إلى وقتٍ في المستقبل.
ج- عقد إجارة حقيقيٌّ واقترن به بيعٌ بخيار الشَّرط لصالح المؤجِّر، ويكون مُؤجَّلًا إلى أجل طويل محدد، (هو آخر مُدَّة عقد الإيجار).
د- وهذا ما تضمَّنَتْه الفتاوى والقرارات الصَّادرة من هيئات علميَّة، ومنها هيئة كبار العُلَماء بالمملكة العربيَّة السُّعوديَّة.
ثالثًا: من صور العَقْد الجائزة:
أ- عقد إجارة يُمكِّن المستأجر من الانتفاع بالعَيْن المؤجَّرة، مقابل أجرة معلومة في مُدَّة معلومة، واقترن به عقدُ هبةِ العَيْن للمستأجر، مُعلَّق على سداد كامل الأجرة، وذلك بعقد مُستقلٍّ، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة، وذلك وَفْق ما جاء في قرار المجمع بالنِّسبة للهبة رقم 13 (1/3).
ب- عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجاريَّة الـمُستحقَّة خلال الـمُدَّة في شراء العَيْن المأجورة بسعر السُّوق عند انتهاء مُدَّة الإجارة، وذلك وَفْق قرار المجمع رقم 44 (6/5).
ج- عقد إجارة يمكِّن المستأجر من الانتفاع بالعَيْن المؤجَّرة، مقابل أجرة معلومة في مُدَّة معلومة، واقترن به وعدٌ ببيع العَيْن المؤجَّرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتَّفق عليه الطَّرفان.
د- عقد إجارة يمكِّن المستأجر من الانتفاع بالعَيْن المؤجَّرة، مقابل أجرة معلومة، في مُدَّة معلومة، ويعطي المؤجِّر للمستأجر حقَّ الخيار في تملُّك العَيْن المؤجَّرة في أيِّ وقتٍ يشاء، على أن يتمَّ البيعُ في وقته بعقدٍ جديد بسعر السُّوق، وذلك وَفْق قرار المجمع السَّابق رقم 44 (6/5)، أو حَسَب الاتِّفاق في وقته. انتهى. والله تعالى أعلى وأعلم.