ذهبت للعمل بوظيفة مدير استثمار بإحدى الشركات العاملة في مصر منذ ثلاثة أشهر، وتتضمن مهامي متابعةَ أعمال التوسعات والاستثمارات الجديدة، ووجدت أن الشركة تعتمد بشكل رئيسٍ على القروض من بنوك التنمية الإسلامية وغير الإسلامية والبنوك التجارية؛ لتمويل أعمال التوسعات والاستثمار، الأمر الذي يتطلب مني متابعة مفاوضات التمويل مع تلك البنوك أيضًا بجانب عملي. ما حكم عملي الحالي؟
علمًا بأنني أستطيع الرجوعَ إلى عملي السابق براتب أقلَّ كثيرًا، وفي نفس الوقت أتفاوض مع شركة أخرى للعمل لديها خلال شهرين إلى ثلاثة إن شاء الله، فأنا الآن في حيرة هل أكمل في عملي الحالي حتى يأتي العمل الجديد أو أقطع إجازتي من عملي السابق وأعود إليه، وقد أجد صعوبة في أخذ إجازة مرَّةً أخرى (عمل حكومي)؛ حيث إنني أرغب في العمل لدى الشركة التي أتفاوض معها الآن والتي أتوقع بإذن الله استلامَ العمل فيها خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.
وماذا لو باشرت فقط أعمال الاستثمار ولم أتدخل في أعمال التمويل؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك واهتمامك بأمور دينك، واعلم أنه إذا تمكَّنت من قصر أعمالك على الاستثمار، ولم تتدخل في جانب تيسير التمويل الربوي فعملك مباح، والإثم على صاحب العمل،{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [المدثر: 38].
أما إذا لم يكن لك بُدٌّ من مباشرة عمليات التمويل الربوي فهذا إيذان بضرورة ترك العمل عند القدرة على ذلك، ومن ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه(1).
وإذا كان يتعذر عليك تجديدُ الإجازة بعد قطعها فأرجو أن تكون لك رخصةٌ في استدامة هذا العمل مؤقتًا حتى تحصل على العمل الجديد، تحمُّلًا لمفسدة مؤقتة مقابل الحصول على مصلحة مستدامة تترك بها هذه المفسدة بالكلية، على أن تُكثر من الصدقات والاستغفار واستعجال البديل. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 78) حديث (20758)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/ 178) حديث (1135)، من حديث يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل من الصحابة بلفظ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ الله جَلَّ وَعَزَّ إِلَّا أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْهُ»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 269) وقال: «رواه كله أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح».