ما حكم الصيد للجائزة وليس بغرض الطعام؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يجوزُ ذبحُ حيوانٍ مباحِ الأكل أو صيدُه لغير أكلِه، كأن يجعل هدفًا يَتسابق عليه الصائدون؛ لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ إِنْسَانٍ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا». قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: «يَذْبَحُهَا فَيَأْكُلُهَا وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا يَرْمِي بِهَا»(1).
قال الخرشي رحمه الله مفصلًا ما يجوز قتلُه من الحيوان مأكولًا أو غير مأكول عند قول «صاحب المختصر»: (وحَرُمَ اصطيادُ مأكولٍ لا بنيَّة الذكاة) قال الخرشي: «يعني أن الحيوان المأكول اللحم لا يجوزُ اصطياده بغيرِ نيَّة الذكاة، أي ولا نيَّةِ تعليم، بل بلا نيةٍ أصلًا، أو بنيةِ قتله، أو حبسه، أو الفُرجَةِ عليه، لأنه من العبث المنهي عنه، ومن تعذيب الحيوان. أما لو اصطاده بنيَّة الذكاة فلا يحرُم، ومثله نيةُ التعليم. فلو قال المؤلفُ: إلا لغرضٍ شرعيٍّ عوض قوله: (لا بنية الذكاة) لأفاده… إلا أن يكون الاصطيادُ واقعًا في حيوانٍ لا يُؤكل كخنزيرٍ، فيجوز بنيَّة قتلِه وليس من العبث، لا بنية غيرِه كالفُرجَةِ عليه فلا يجوز، وأدخلت الكافُ الفواسقَ الخمسَ التي أذِنَ الشارعُ في قتلها(2)». انتهى(3).
فعلى من يصيدُ أن يجتنبَ قتلَ ما لا يريد أكلُه من الحيوانات والطيور، وما لا يحلُّ قتلُه، ويشتدُّ التحريمُ إذا جعلها هدفًا للرماية. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه النسائي في كتاب «الصيد والذبائح» باب «إباحة أكل العصافير» حديث (4349)، والحاكم في «مستدركه» (4/261) حديث (7574)، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».

(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «بدء الخلق» باب «خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم» حديث (3314)، ومسلم في كتاب «الحج» باب «ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب» حديث (1198)، من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْـحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ».

(3) «شرح مختصر خليل للخرشي» (3/17).