تقدَّم لخطبتي شابٌّ ذو خُلُقٍ ودين، ولكنه يعمل محاسبًا في بنك رِبَويٍّ، فهل أوافق أم أرفضه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن مهنةَ المحاسبة في ذاتها لا حرج فيها، وإنما جاء الحرجُ من كون الـمُحاسِبِ يتعرَّض لكتابة الرِّبا أو الإشهاد عليه في بعضِ ما يُمارسه من أعمالٍ، وليس هذا الأمرُ مطردًا في كلِّ عملٍ ولكنه كثيرًا ما يَعرِض للمحاسب، وقد عقد مجمعُ فقهاء الشَّريعة بأمريكا مؤتمره السَّادس بالبحرين عام 2007 تحت عنوان «ما يَحِلُّ ويَحرُم من المهن والأعمال والوظائف خارج ديار الإسلام»، ثم انتهى إلى جملةٍ من القرارات نسوقُ لك منها ما يتعلَّق بمهنة المحاسبة:
القرار السَّادس: العمل في مجال المحاسبة:
• العملُ في مجال المحاسبة مشروعٌ؛ لأن المحاسبَ يقوم بعملٍ فَنِّيٍّ بُنِيَ على أدواتِ عملٍ مشروعة، والأصلُ في الأشياء الإباحة، ولا حَظْرَ إلا لدليلٍ شرعيٍّ، إلا إذا كان في مؤسَّسات تُباشر الأعمالَ المحرمة كالاتِّجار في الخمر أو الخنزير، فإنه لا يجوز إلا إذا وُجدت ضرورةٌ بضوابطها المُقرَّرة شرعًا، على أن تُقدَّر هذه الضَّرورةُ بقَدْرها ويُسعى في إزالتها، وتُستصحب نيةُ التَّحَوُّل عن هذا العمل عند أول القُدْرة على ذلك.
• أمَّا إذا اختلط الحلالُ بالحرام في الأعمال التي يتولَّى المحاسبُ تدقيقَها فإنْ غَلَب الحلالُ ساغ التَّرخُّص في ذلك للحاجة، ويتخلَّص من أجره بنسبةِ ما قام به من عملٍ مُحرَّمٍ، مع بقاء الشُّبْهة التي تستدعي من العامل البحثَ عن عملٍ آخر لا شبهة فيه، وأما إن غلب الحرامُ استُصحب أصلُ المنع تجنُّبًا للمشاركة في المُحَرَّمات أو الإعانة عليها، مع اعتبار الضَّرُورات، على أن تُقدَّر بقَدْرها ويُسعى في إزالتها.
• ولا بأس بعملِ المحاسب (كأجير مشترك)، وهو الذي يقتصر دورُه على تدقيق القرارات المالية ولا يُشارك في مباشرتها؛ لأنه مُجرَّدُ ناقلٍ لصورة واقعية، لا يُستثنى من ذلك إلا المؤسَّسات التي يدور نشاطُها الأساسيُّ في فلك المُحَرَّمات.
فأرجو عرضَ هذا القرار على هذا الشابِّ ما دام يعتقد حرمةَ فوائد البنوك والتفاهم معه بالمعروف. ونسأل اللهَ لكليكما التَّوفيق والسَّداد، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.