أنا آسفة لكوني قد أرسلت لك المزيد من الرسالات، لكن لا أعلم أين أنا من شدة ندمي، فأشعر بأن الإسلام لا يقبلني أبدًا.
أرجوك لقد وجدت هذا الأثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل يُعارض هذا الأثر الفتوى بجواز زواجي بعد التوبة من خاطبي؟
إذا حسُنت توبتها وعُلم أنها لا يمكن أن تعودَ للزنا وتاب هو أيضًا فمحلُّ خلاف، فقد ورَد عن أيمن ابن أم أيمن رضي الله عنه أنه كان زنى بامرأة في الجاهلية، فلما كان يوم الفتح استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوَّج بها فلم يأذن له في ذلك.
أخبره أنه زنى بها في الجاهلية، واستأذنه أن يتزوج بها فلم يأذن له.
الغريب أن التوبة تجبُّ ما قبلها، وحتى المذهب الإباضي أباح نكاحَ الزاني بمَزنِيَّتِه لو كانا على غير ملَّة الإسلام بحسب رأيهم.
فما هذا الأثر الذي ورد عن النبي الذي ينهى الرجل عن نكاح من زنى بها بعد إسلامهما؟ هل زواجنا يحرم أبدَ الدهر تُبنا أم لم نتُب؟ وهل الأثر هذا دليل لمنع الزواج حتى بعد التوبة النصوح؟
أرجوك أن تفسِّر لي ظاهر التعارض بين هذا الأثر الذي أخذته من موقع سني وبين من يُفتون بأن زواج الزاني بمزنيته حلالٌ بعد التوبة، فإنهم اتفقوا على أن الزَّانية بعد التوبة يحلُّ لها الزواج، فهل هناك ما يحدد أن زواجي بخاطبي خاصة هو حرام؟
فهو ليس من محارمي وليس أخي بالرضاعة بل فقط أخطأنا خطأً جسيمًا حيث إنني أعيش في بلاد الكفار وبعيدة عن الإسلام.
إن الزواج إما حلال أو حرام حرمةً أبدية فكيف ينهى رسولنا عن زواج الزاني بمزنيَّته بعد التوبة وبعد الإسلام؟ فهل هناك تعارض؟
باختصار أريد السترة والزواج، فهل يقبلني الإسلام؟ وهل زواجنا صحيح بعد التوبة؟ وما صحة الأثر أعلاه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المستقر فقهًا والراجح نظرًا، أن الزانيين إذا تابا وحسنت توبتها، يجوز لهما الزواج بعد ذلك، لأن التوبةَ تجبُّ ما قبلها وتمحو عنهما وصفَ الزنا، وما ورد من نصوص على خلاف ذلك فإنه مُؤوَّل في ضوء هذه القاعدة، فيكون المقصود بها: من لم تحسن توبتهما. أي ما دامت المرأة يُتصوَّر منها الزنى، وعُلم من حالها- ضوء استقراء الشواهد والملابسات- أنها لو راودها رجلٌ آخر لقبلت مثل ما قبلته من قبل- فهي غير محصنة، ولا يحل نكاحها، ولا ينبغي للمؤمن العفيف أن يتزوج بها لكي لا تفسد عليه فراشه.
أما إذا تابت وأقلعت وحسنت توبتها وأصلحت، فإنه يجوز الزواجُ بها.
ووصيتي يا بنيَّتي أن ترفقي بنفسك، وأن تخرجي بها من هذه المحرقة، وأن تكُفِّي عن التعمق في بحث هذه المسألة، والقفز من مفتٍ إلى آخر، ومن موقع إلى آخر، وأن تثقي بمن تستفتيه، وأرجو أن لا يصلني منك سؤال آخر حول هذه القضية، فقد أنفقنا فيها ما تستحقه وزيادة، بارك الله فيك، وتقبل توبتك. والله تعالى أعلى وأعلم.