شيخنا الفاضل، أسأل الله عز وجل أن يوفِّقكم لما يحبُّ ويرضى.
أحدُ الإخوة وقع في خلاف مع زوجته فضربها وعندها اتصلت بالشرطة ثم رفعت ضده قضية في المحكمة، فمنعته المحكمة من الرجوع إلى البيت حتى تقضي بينه وبين زوجه، ثم بعد فترة أبدت الزوجة رغبةً في التنازل عن القضية والسماح له بالرجوع إلى بيته مقابلَ أن يتنازل لها عن ملكية أحد بيتيه في كندا، وعندما ذهبا إلى مكتب تسجيل العقارات قالت له أنها لن تسمح له بالرجوع إلى البيت إلا بعد أن يتنازل لها عن ملكية البيتين معًا، فوجد الرجل نفسه مكرهًا- هكذا يقول- وتنازل لها عن مكلية العقارين على أساس أنه وحيد في هذا البلد ويريد أن يحافظ على أسرته والرجوع إلى أطفاله الأربعة. علمًا بأنه أهدى لها عقارًا آخر في سابق الأيام عندما كانت الأسرة تعيش في بريطانيا.
وهو الآن لا يمانع أن تحتفظ بملكية العقار الموجود في بريطانيا لأنه هدية ولكن يشعر بالمرارة والابتزاز والإكراه في مسألة التنازل عن العقارين الآخرين.
وسؤاله: هل تجيز له الشريعة الرجوع عن هذا التنازل ومطالبة زوجته برد العقارين الآخرين في كندا؟
أفتونا مأجورين وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فـ«لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(1).
فإن صحَّ ما قال، من أنه لم تطِب نفسه بهذا التنازل، وأنه ما قبِل به إلا مكرهًا ومضطرًّا من أجل أن يُنهي مشكلة قائمة، فإن له- والحال كذلك- أن يرجع عن كل ما وَهَب أو عن بعضه.
ولعله إذا توسَّط بينهما من يُصلح بينهما صلحًا كان ذلك خيرًا.
ولا بد أن نذكره أنه ما كان ينبغي له أن يضرِبَ زوجته، لاسيما في مجتمعات تُجرِّم الضرب، فيعرض بذلك نفسَه إلى ما يَسوؤه في دينه ودنياه، كما يُعرِّض الملة والجالية المسلمة إلى ما يَسوؤها في عِرضها وسُمعتها، والعاقل من عرف زمانه. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 72) حديث (20714)، وأبو يعلى في «مسنده» (3/ 140) حديث (1570) من حديث عم أبي حرة الرقاشي رضي الله عنه، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 265 – 266) وقال: «رواه أحمد وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين وفيه علي بن زيد وفيه كلام».