ما حكم عمل عملية لإعادة غشاء البكارة لفتاة كانت معقودًا عليها، ودخل عليها زوجها بدون علم أهلها، وبدون عمل زفاف ليلة الدخلة، فلم يكن سوى العقد، ثم طلقها بعد ذلك ولم يعلم أحد بما حدث سوى أسرتها بعد أن وقعت الواقعة، فهل هذه العملية تجوز أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قضية رتق غشاء البكارة من قضايا النظر بين أهل العلم، وتتنازعها أصول مختلفة، والذي يظهر لي أنه لا يرخَّص في رتق غشاء البكارة إلا إذا كان زواله نتيجة حادث أو اغتصاب لا يَدَ للفتاة فيه، فإن هذا يحقِّق مقصود الشارع من الستر، ويمكِّن الفتاة من استئناف حياتها بعد هذه الكارثة التي نزلت بها، والشريعة جاءت بهذا الأصل العظيم، ففي الصحيحين عن ابن عمر ب أن رسول الله ﷺ قال: «منْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(1). وقال ﷺ: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»(2).
وأخرج مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه  قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسَّها، فأنا هذا فاقضِ فيَّ ما شئت! فقال له عمر: لقد سترَكَ اللهُ لو سترتَ نفسك(3).
أما إذا كان زواله نتيجة لقاء مشروع بين امرأة وزوجها؛ فليس في الأمر ما يشين، وأقصى ما يتضمَّنه هذا الموقف شيء من الحرج الاجتماعي، وهو لا ينهض لمقاومة الأدلة التي تنهى عن الغش والتدليس ونحوه، فهذه النازلة التي نحن بصددها لا نرى فيها ما يستوجب هذا الترخُّص؛ فإن الفتاة معقود عليها، واحتمال وقوع مثل هذه الصلة متوقع، ولا تتضرَّر به الفتاة بمثل ما تتضرَّر به في حالة الاغتصاب ونحوه، فالذي ننصح به أن لا نُقدِم على هذا الفعل، وأن تتخذ من التدابير ما يؤكد أن هذا كان نتيجة اتصالها بزوجها إبان زواجه بها. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «المظالم والغصب» باب «لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه» حديث (2442)،ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «تحريم الظلم» حديث (2580).

(2) أخرجه مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر» حديث (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(3) أخرجه مسلم في كتاب «التوبة» باب «قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: 114]» حديث (2763).