سؤالي من جزأين:
الجزء الأول: ماذا تفعل المرأة إذا شكَّت أن لزوجها علاقةً بامرأة أخرى؟ هل يجوز لها أن تبحث وراءه حتى تتأكد؟
الجزء الثاني: إذا تأكدت المرأة أن لزوجها علاقة بأخرى، كيف يكون التصرف؟ مع العلم بأنها إذا واجهته بالأمر فسينكره.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأُصدِّر حديثي بقول الله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12].
وما روي عنه ﷺ بإسناد ضعيف: «ثَلَاثَةٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ، وَالظَّنُّ، وَالحَسَدُ، فَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَلَا تَرْجِعْ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تَحَقَّقَ»(1).
فنصيحتي لك يا أمة الله ألا تتبعي عورات زوجك، وألا تتجسسي عليه، وإنما تكون البداءة بإصلاح شأنك، وحسن التبعل لزوجك(2)، وتفادي أسباب القصور التي قد تكون قد دفعته إلى هذا التصرف إن كان ظنك صحيحًا.
ثم تجتهدين في الضراعة إلى الله أن يرده إليه ردًّا جميلًا، وأن يرده إليك وإلى أولاده ردًّا جميلًا، وإنني لعلى يقين أن الله أرحم الراحمين: «إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ»(3)، فإما أن يرده إليك على ما تحبين، أو أن يكشف أمره لك لتكوني بالخيار كما تشائين. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) رواه الطبراني في «الكبير» (3227)، وأبو الشيخ في «التوبيخ» (152، 237): عن حارثة بن النعمان، وفيه إسماعيل بن قيس، وهو منكر الحديث. ولفظه: «ثَلَاثٌ لَازِمَاتٌ لِأُمَّتِي». ورواه عبد الرزاق في «المصنف» (19504)، ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (1129) وفيه انقطاع، ورواه البغوي في «شرح السنة» (3536) من حديث علقمة بن أبي علقمة، وهو مرسل جيد الإسناد، ولفظه: «فِي الـمُؤْمِنِ ثَلَاثُ خِصَالٍ … وَيُنَجِّيكَ مِنَ الْـحَسَدِ أَلَّا تَبْغِي أَخَاكَ سُوءًا».
ومع ضعف أسانيده فإن معناه صحيح، ومثله يتسامح فيه في مكارم الأخلاق والموعظة.
(2) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (6/421) حديث (8743)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/1787-1788) حديث (3233) من حديث أسماء بنت يزيد ل: أنها أتت النبي ﷺ وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي ﷺ إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟» فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي ﷺ إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلِّل وتكبر استبشارًا.
(3) أخرجه الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في دعاء النبي ﷺ» حديث (3556)، وابن ماجه في كتاب «الدعاء» باب «رفع اليدين في الدعاء» حديث (3865)، وقال الترمذي: «حديث حسن».