أعمل كمهندس في أمريكا في «نيو جيرسي» منذ اثنتي عشرة سنة، نزلت إلى مصر منذ خمس سنوات بعدما ساعدتني أمي على التعرف على بنتِ أناس طيبين، فتمت الخطبة وكتب الكتاب على أن أرجع لأسوِّي الأوراق اللازمة لاستقدام الزوجة التي ترتبط بأمها ارتباطًا غير عادي.
نزلت وتزوجتها بعد ستة أشهر، وعدت إلى أمريكا؛ حيث يستغرق الجرين كارد وقتًا طويلًا، وكانت زوجتي تتحرق لليوم الذي ستأتي فيه، ونزلت لأحضرها وكان يوم وداعٍ من أهلها وبكاء أكثر من البكاء على ميت.
ورحلنا، ومن أول يوم بدأ البكاءُ عبر الشات على فِقدانها هي وولدي، وكنت أحاول التخفيف عنها، وبعد شهرين وأنا أحاول الصبر بدأ السؤال: متى الإجازة؟ فقلت لها: ولدنا سيدخل المدرسة، إجازتنا ستكون مع إجازاته، أو يمكنك النزول وسأرعاه إلى حين رجوعك.
وبدأت الحرب منها، ومن أهلها، خاصة بعد إعصار ساندي، بأسباب مختلقة، وأصبحت تُلِحُّ عليَّ في الطلب أن أترك عملي وأنزل نهائيًّا على مصر. وحاولت مرارًا أن أُفهمها أني غير موافق على المبدأ، لكن حتى لو وافقت فإن الأمر يحتاج إلى ترتيب، فالظروف التي تمر بها مصر صعبة الآن.
حاولت إقناعها من دون جدوى، وصمَّمَت على النزول رغم معارضتي ليومين، ثم قلت لها بعد كثرة إلحاح: لن أكون سَجَّانك. ونزلت إجازة على وعدٍ إن ساءت الظروف في مصر أن تقطعها في أي وقت.
مر أكثر من ثلاثة أشهر، وحاولت إقناعها بالعودة ولم تنجح جهودي.
سيدي، إلى الآن أستخدم الحجة والإقناع، ولكنها رفضت العودة نهائيًّا، ولكن مع وضع البلد أخشى على أمن أولادي. فهل لي الحق شرعًا في أَخْذ أولادي إلى أمريكا قبل فوات الأوان، حيث إنه إذا تدهورت الأمور ستتوقف حركة الطيران، حرصًا على سلامتهم.
أفيدونا بعلمكم أفادكم الله.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فنحن يا بني أمام مشكلة نفسية، تتمثل في ارتباط زوجتك بأمها ارتباطًا مرضيًّا يفوق الأوضاع الطبيعية، فلم تخلق البنات ليرابطن بجوار أمهاتهن، بل خُلِقن للزواج وإقامة بيوتٍ والانتقال مع الأزواج مع المحافظة على حقهن في الزيارة والاستزارة مع آبائهن وأمهاتهن.
وقد أحسنتَ إذ جَعَلْتَها تنزل لزيارة أمها، وأحسنت إذ تعتمد على منطق الحجة والإقناع وليس على استخدام سلطة الولاية والقوامة. فاستدم هذا المنهج بارك الله فيك؛ فإنه أنفع وأقوم، وأوصل للهدف إن شاء الله.
ومن ناحيةٍ أخرى فلم تبلغ الأمور في مصر هذا المبلغ من السُّوء الذي تصوِّرُه بعض أجهزة الإعلام الفاسدة، فلا يزال الأمل في رحمة الله قائمًا، ولا يزال الرجاء في فرجه موصولًا وقريبًا بإذن الله.
أما بالنسبة لحضانة الأولاد فالأصل أن الأولاد إلى سن السابعة في حضانة أمهم بالإجماع، إلا إذا كانت الأم في حال لا يُمكِّنها من الحضانة؛ فقد جاء في وثيقة مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا للأحوال الشخصية ما يلي:
المادة (1): الحضانة مقرَّرة لمصلحة المحضون، فكما أنها حقٌّ لمن يلي الحضانة، فهي حق للطفل على حاضنه، فلا يجوز التنازل عنها ولا جَعْلها بدلًا في المخالعة.
المادة (2): الحضانة من واجبات الأبوين ومن حقوقهما معًا، ما دامت الزوجية قائمةً بينهما، ولا يمكن فصلُ الطفل عنهما أو عن أحدهما إلا لضرورة راجحةٍ، كفقد أحدهما لأهليته في الحضانة، ونحوه، على أن تُقدَّر الضرورة بقدرها.
المادة (3): الوالدان مسئولان بالتشاور بينهما عن رعاية الطفل، ومصالحه، وكيفية معيشته، ولهما أن يستعينا بجهات الرعاية الاجتماعية المختصة أو القضاء عند الحاجة لتحقيق تلك الرعاية، وهذه المصلحة.
شروط الحاضن:
المادة (4): يشترط في الحاضن: البلوغ، والعقل، والأمانة، والسلامة من الفسق، ومن الأمراض المعدية الخطيرة، والقدرة بالنفس أو بالغير على تربية المحضون ورعايته دينًا وخلقًا وصحة ودراسة.
المادة (5): كما يشترط إن كان الحاضن امرأةً خُلُوُّها من زوج أجنبي عن المحضون عند وجود المنازِع، إلا إذا كان المحضون في زمن الرضاعة، أو يلحقه ضرر من فراقها؛ أو كانت به علة أو عاهة تجعل حضانتَه مستعصيةً على غير الأم.
وإن كان الحاضن رجلًا وجودُ من يصلح للحضانة من النساء، وأن يكون ذا رحم محرم للمحضون إن كان المحضون أنثى.
المادة (6): الأم أحقُّ بحضانة الصغير بالإجماع، وزواجها لا يُسقِط حضانتها إذا كان المحضون في زمن الرضاعة، أو يلحقه ضرر من فراقها؛ أو كانت به علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصيةً على غير الأم.
فتدبر هذه المواد وأرجو أن تجد فيها ضالتك إن شاء الله. والله تعالى أعلى وأعلم.