زوجتي قبل فترة وهي تقرأ للإمام مالك، فوجدت أنه يُوقع الطلاق على رِدَّة أحد الزوجين. بعد بضعة أيام زوجتي راودتها خاطرة مفادها: إن فعلتي هذا الأمر ستحدث لديك ردَّة والعياذ بالله، وستكونين على رأي الإمام مالك … بعدها مباشرةً قالت في نفسها: وقتها سأجدد إسلامي وعقد نكاحي.
سؤالي: لو حدثت لديها عزيمة أنا أعلم- حسب خلفيتي الدينية- الرِّدَّة تقعُ ساعة العزم وليست بعد فِعل الفعل، لكن مَا وَضعُ عقدِ زواجنا؟ هل يتأثر بقولها: «سأجدد عقد زواجي»؟ هل قولها هذا يلزمنا الأخذ بقول الإمام مالك، أم أنَّ الموضوعَ له سعة ونستطيع الأخذ بقول من يرى أنها إن رجعت قبل العدة بقي النكاح مثل ما كان، خصوصًا أنها تميلُ للأخذ بهذا الرأي؛ رأي من يرى أن الفرقة تحدث بعد العدة؟ وهل فعلها للفعل مستقبلًا يترَتَّب عليه أحكام؟ جزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد اختلفَ أهل العلم في أثَرِ الرِّدة على النكاح بعد الدخول، فالحنفيَّةُ(1) والمالكية(2) على أن الرِّدَّة تُوجب الفرقة في الحال، والشافعية(3) والحنابلة(4) في الصحيح عندهم أن النكاح موقوف في مدة العدَّة، فإن عادَ إلى الإسلام قبل انقضاء عدة زوجته فهما على نكاحهما، وإن انقضت العدَّةُ قبل رجوعه للإسلام وقعت الفُرقة، وليس له أن يرجع إلى زوجته إلا بعقدٍ جديد.
هذا هو النظر الفقهي المجرد في هذه المسألة، ولكن مسألة زوجتك قد تكون مختلفة، فما هو ذلك الأمر الذي قالت أنها إن فعلته حصلت عندها ردة؟ والردة لا تحصل بمجرد أن يتهيأ أحدٌ من الناس أن هذا الأمر يوجب الردة، بل لابد أن يكون كذلك في دين الله عز وجل، فالردَّة حكم شرعي يرجع فيه إلى حكم الشرع، وليس إلى توهمات الناس وظنونهم، فـأرجو أن تبين لنا هذا الأمر حتى يكون الحديث في نازلتك على بصيرة. بارك الله فيك، ووفقنا وإياك إلى ما يحب ويرضى. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) جاء في «درر الحكام شرح غرر الأحكام» (1/354): «(ارتداد أحدهما) أي أحد الزوجين (فسخ عاجل) للنكاح غير موقوف على الحكم».
(2) جاء في «عقد الجواهر الثمينة» (2/442): «ثم ردته تقطع العصمة بينه وبين زوجته ساعة ارتداده».
(3) جاء في «روضة الطالبين وعمدة المفتين» (7/142): «وإذا ارتد الزوجان أو أحدهما قبل الدخول، تنجزت الفرقة، وبعده نقف على العدة. فإن جمعهما الإسلام قبل انقضائها، استمر النكاح، وإلا، بان حصول الفرقة من وقت الردة».
(4) جاء في «شرح منتهى الإرادات» (2/691): «(وتتوقف فرقة) بردة (بعد دخول على انقضاء عدة)».