رجلٌ متزوج إذا سُئل هل هو متزوج- في الشات- تكون إجابته: «مطلق»، فهل هذا يُعتبر طلاقًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حُكم من أخبر بالطلاقِ كاذبًا، هل يُعتبر ذلك طلاقًا، أم أنه يكون عليه إثمُ الكذب ولا يقع الطلاقُ:
فذهب بعضهم إلى وقوعِ الطلاق ديانةً وقضاء، كما جاء في «الفروع» لابن مفلح من الحنابلة، قال: وإن سُئل أطلقتَ امرأتك؟ قال: نعم. أو: لك امرأة؟ قال: قد طلقتها- يريد الكذب، وقع(1).
بينما ذهب الأحنافُ والشافعية وغيرهم إلى أن مَن أقرَّ بالطلاق كاذبًا فإنه يقع قضاءً لا ديانةً، فتبقى زوجتُه في الباطن.
يقول في «البحر الرائق» من كتب الأحناف: «ولو أقرَّ بالطلاق وهو كاذب وقع في القضاء»(2).
وجاء في «أسنى المطالب شرح روض الطالب» من كتب الشافعية: «وإن أقر بالطلاقِ كاذبًا لم تُطلق زوجته باطنًا وإنما تطلق ظاهرًا»(3).
وفي «تحفة المحتاج في شرح المنهاج»: «ولو قيل له استخبارًا: أطلقتَها؟ أي زوجتك- فقال: نعم. أو مُرادفها، فإقرار به (الطلاق)؛ لأنه صريحُ إقرار، فإن كذب فهي زوجته باطنًا»(4). والظاهر هو مذهب الشافعية والأحناف؛ لأن الإقرارَ لا يقوم مقام الإنشاء، والإقرارُ إخبارٌ محتمل للصدق والكذب، يؤاخذ عليه صاحبه ظاهرًا، أما ما بينه وبين الله فالمُخبر عنه كذبًا لا يصير بالإخبار عنه صدقًا فلهذا لا يقع طلاقه باطنًا.
والذي يظهر أن هذا الأخير هو الأرجحُ، فلا يحتسب عليه الطلاق ديانةً، بل عليه إثمُ الكذب، وعليه أن يتوب إلى الله عز و جل ولا يرجع. ونسأل الله الهدايةَ للجميع، والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________________
(1) «الفروع» (5/302).
(2) «البحر الرائق» لابن نجيم (3/264).
(3) أسنى المطالب» للشيخ زكريا الأنصاري (3/276).
(4)«تحفة المحتاج» لابن حجر الهيتمي (8/134).