وقع بيني وبين زوجتي مشاجرة في الماضي نتج عنها وقوع للطلقة الأولى؛ نتيجة عدم التزامها ليمين طلاق سابق، ولذلك أنا مصاب بوسواس من تكرار التجربة السابقة وأعاني من الوسواس المتكرر بالطلاق؛ حيث إني أصاب بخوف شديد من ذكر أي من ألفاظ الطلاق أثناء حديثي عمومًا، وأيضًا أي كلمة قريبة في اللفظ من ألفاظ الطلاق، كما أنه ينتابني حديثُ نفس ووسواس بألفاظ الطلاق كل يوم صباحًا قبل استيقاظي مباشرة، لا أستطيع منعه ولا أستطيع أن أحدد هل تلفظت بما جاء أثناء حديث النفس أم لا.
وقد أرسلت لأهل العلم مسبقًا سؤالًا للفتوى عن أثر التلفُّظ بجملة «أنت دماغك طلقة» لزوجتي، على وقوع الطلاق. مع العلم أني لم أقصد بها الطلاق ولكني كنت أصف تهورها واندفاعها، مع العلم أني قصدت بلفظي «طلقة» طلقة البندقية في سرعتها.
وينتابني شكٌّ أني لم أقصد التلفظ بـ«طلقة» ولكني قصدت «طقة» أي غير متزنة، وقد أفتوني بأن الطلاق لم يقع، ولكن قبل أن أعرف ذلك انتابني حديثُ نفس متخيلًا أنه قد وقع خلافٌ بيني وبين زوجتي في المستقبل، وأني قلت لأهلها: «لو طلقتها سوف تكون الطلقة الثالثة» فهل لهذا الحديث أثرٌ في وقوع الطلاق؟ حيث إني تخيلت أني طلقت زوجتي مرتين قبل عِلمي بعدم وقوع الطلاق في المرة الثانية الخاصة بلفظ «أنت دماغك طلقة».
الأمر الثاني عند عرضي لهذا السؤال للفتوى قد تلفظت بجملة «تخيلت أني طلقت زوجتي مرتين» سهوًا أثناء كتابة السؤال نتيجة الوسواس، فهل لهذا أثر؟ مع العلم أني لم تكن نيتي الطلاق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فكلُّ ما ورد في رسالتك لا يقع بشيء منه الطلاق، فالطلاق لا يقع بالتخيلات، ولا بالهواجس والوساوس، فقد تجاوز الله لهذه الأمة عما حدثت نفسها به ما لم تعمل به أو تتكلم به(1)، واليقين لا يزول بالشك، فالعصمة الزوجية الثابتة بيقين لا تُزيلها هذه الهواجس، بل إن مثلك ولو تلفظ بالطلاق بلفظ صريح فلا يقع طلاقُه إلا إذا قصد إلى الطلاق عن رضا وطمأنينة، لأنك مستغلق عليك طوال الوقت، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقِ»(2).
فأخرج نفسك يا بني من هذه المحرقة، وأقبل على شأنك فاستصلِحْه، وداوِم على الذكر وقراءة القرآن.
ونسأل الله أن يمسح عليك بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).