موسوسة تدعي أن زوجها يصاحب امرأة وتريد الطلاق

لقد كلمتك سابقًا عن وضعي مع زوجي, وترجَّيتك، لكن زوجي لم يتغير حاله معي بل من أسوأ لأسوأ وأنا أسمعه يتغزل بتلك المرأة ويبعث لها رسائل على التليفون يقول لها: «فينك، صباح الخير, كيف حالك». وهو ليس له معها عمل. وهو يقول لي: «أنا لا أتعامل معها». لقد كذب عليَّ كثيرًا. مع وقاحة المرأة وتهديدها لي وتهديد زوجي لأجلها بالطلاق.
الوضع الحالي لم أعد أطيقه، هو نحر وقتل الحب الذي كان في قلبي. الآن أريد الخلاص منه، أخاف على صحتي وديني. أكره عِشْرَته ولم أعد أتحمله أبدًا.
لم أعد أثق بالمشايخ لأن زوجي يقول: المشايخ كلهم كلموني. والذي آلمني أنه يقول لأولادي: المشايخ الذين كلمتهم يقولون أنه لابد أن تدخل مستشفى المجانين.
ما رأيك في رجل يرضى أن يبقي علاقة مع امرأة لسنين ويتودَّد إليها على حساب دينه؟ وإذا زوجته وعظته تضجر وحرمها حقوقها ومنعها من الخروج؟
الآن أكره تصرفات وأفعال زوجي من كل قلبي، مع ما فعل فيه، والله إني كلمت إمام المسجد أن لا يتكلم عليه في كل اجتماع. لوفائي ولا أرضى بالظلم له.
أحس بآلام بصدري، لا أنام الليل جيدًا للظلم الذي أوقعه فيه.
الذي أطلبه منك هو أن أنهي العلاقة معه؛ لأني لم أعد أتحمل تصرفاته وحرمانه لي لحقوقي. وقد سألت أساتذة الشريعة في البلاد وتبيَّن لي إذا كان الرجل غيرَ عدل تسقط ولايته.
زوجي يضغط عليَّ كثيرًا ولي الحق أن أعيش بكرامة وبكامل حقوقي، فانا أعيش في بلد حرية المرأة، وأنا أطالب بحرية المرأة بديني الحنيف الذي جاء ليحرر العبد من عبودية العبد لعبودية رب الأرباب. متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا. وقد حضرت لك محاضرة أن ليس الزواج سجن وحرمان.
والحمد لله تربيت في بيت أبي يحترم أمي ويقول: إذا أمك رضيت أنا رضيت. كان يوصينا على أمنا ولم أحرم من شيء في بيت أبي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله يا بنيتي أن يلهمك رشدك، وأن يصلح لك زوجك وأن يصلحك له، وأن يصرف عنكما السوء، وأن يقيكما الفتنَ ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمين.
زوجك يا بنيتي بعد مراجعته يؤكد ويقسم أغلظ الأيمان أن هذا الذي تذكرينه محضُ خيالات ووساوس، لم يخلقها الله جل وعلا إلا في وهمك، وأنه أعقل وأبصر من أن يغامر بدينه، وأن يقامر علاقته مع ربِّه على هذا النحو الذي تتوهمين.
وقد سبق لك يا بنيتي علاج بالرقية الشرعية من بعض الأخلاط، لعل هذا الذي تذكرينه أثر من آثارها وبقية من بقاياها.
وقد تجشمت يا بنيتي ملاحقة زوجك، ووضع تسجيلات خفية في سيارته، ولم يسفر ذلك عن إدانة حقيقية تثبت بها التُّهَم التي توجهينها إليه، وقد ترتب على ذلك أن ضيق عليك زوجك في بعض الأمور التي تتعلق بالتواصل مع الآخرين، ومنع الوسائل التي تُعين على ذلك، كالهاتف والسيارة ونحوه.
وسوف أعرض عليك تصورًا للخروج من هذا المأزق، أرجو أن تتدبريه يا بنيتي، لعل الله أن يجعل لك فيه فرجًا ومخرجًا، وأن يكون نهاية لهذا المسلسل الأسيف من الأوجاع والمتاعب.
أقول لك: يا بينيتي ابدئي صفحةً جديدة، نستهلها بأن يؤكد زوجك نفيَ هذا التهم بأغلظ الأيمان والمواثيق التي يُقسم بها المسلمون، كما يؤكد استمراره على أن لا يقع في شيء منها في المستقبل بإذن الله، حتى تذهب من نفسك الرِّيبة، ثم يلي ذلك تسليمُ أدوات التسجيل والتصنت التي تعودت على دسها في سيارته، ثم تبدءان صفحة جديدة مبناها على الثقة والتراحم، والبُعد عن التوجس والارتياب، وتفويض هذا الملف إلى الله عز وجل، فإن يك كاذبًا فعليه كذبه، وإن ربك لبالمرصاد، وإن يك صادقًا فقد خرجت من هذه التبعة، وتبيَّن لك سبيلُ الرشاد.
وأتعهد لك في ضوء ذلك بأن يعيد إليك الهاتف والسيارة، وأن لا يحول بينك وبين التواصل مع الآخرين في خلال فترة انتقالية وجيزة جدًّا نتفق عليها بإذن الله.
يا بنيتي لا تطلقي الرصاص على ساقك، لا تهدمي عشك بيديك، لا تستجلبي الشقاءَ والتعاسة لنفسك وولدك وزوجك، افرغي لاستدامة طلب العلم، افرغي لتعليم أولادك بنين وبنات ما علمك الله إياه من العلم الشرعي وتربيتهم على ذلك، لا تضيعي العمر ركضًا وراء هذه الوساوس المميتة، والتي لم تجنِي منها إلا أرصدة تعيسة من الويلات والعذابات والأوجاع.
دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ *** وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ( )

هذا الذي تيسَّر تسطيرُه في محنتك يا بنيتي.
وأسأل الله في وقت السحر أن يمسح عليك بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى أعلم.

تاريخ النشر : 13 نوفمبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend