متزوجة منذ (14) سنة من ابن عمي، وهو أكبر مني بـ (15) سنة، كنت لا أرغب بالزواج به، ولكن تحت ضغط وافقت. أصبحت في بيته أُضرب، أُهان، أُجبَر على العمل لأُحضِر المال. أنجبت منه طفلين، وتحملت معه الكثير حتى نفد صبري، وأصبحت أكره العيش معه، لم أشعر بالحب والمودة معه، وهو أيضًا، أصبحت حتى حقوقه الشرعية لا أستطيع أن أعطيها له؛ قال لي: أكرهك. وقلت له أيضًا ذلك، ونعيش من أجل أولادنا.
أصبحت أَضعُف تحت تأثير الكلمة الحانية والحب الذي أفتقده، أصبحت خائفةً من الوقوع في الذنب، أخاف من غضب الله عليَّ.
قررت الانفصالَ، ولكني حائرة بين البحث عن سعادتي وبين سعادة أولادي، وخوفي إن استمرَّ زواجنا أُغضب ربي، إن لم أقع في الذنب فبعدي عنه فهو ذنب أيضًا، وتقبلي له أصبح شيئًا لا أستطيع تحمُّلَه، وأخاف إن هدمتُ البيتَ يُعاقبني ربي؛ لأني أبحث عن الحب، وهو شيء من وجهة نظر أشخاص كثيرين شيء سطحي ومن الكماليات. هل إصراري على الطلاق ذنب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الذي شرع الزواج شرع الطلاق، وإذا كان الزواج يجب عند خشية العنت والتيقن من الوقوع في الفاحشة، فإن الطلاقَ يجب كذلك عند خشية العنت والتيقن من الوقوع في الفاحشة، ومن لم يبلغ الأمر هذا المبلغ بل كان يخشى الوقوع في الفاحشة ولم يبلغ به الأمر مبلغ التيقن فإن الزواجَ في حقِّه يكون مندوبًا، ويقال مثل ذلك في باب الطلاق، فإنه يُندب كذلك لنفس السبب.
أما بالنسبة للأطفال فإن الذي خلق عبادَه تكفَّل بهم، ولهم حقوقٌ في حالة وقوع الفرقة بين الأبوين تكفُل لهم ما يُقيم حياتهم.
فانظري يا بنيتي إلى الأمر من مختلف جوانبه، فإن هذه المسألة مما تختلط فيها المصالح والمفاسد، وتلتقي فيها المنافع والمضارُّ، ومبنى الشريعة على تحصيل أكمل المصلحتين، ودَفْع أعظم المفسدتين.
وليس العاقل الذي يعرف الخيرَ من الشر، بل الذي يعرف خيرَ الخيرين وشرَّ الشرين.
فلا حرج في طلب الطلاق من حيث المبدأ، ولكن أعيدي النظر في الأمر في ضوء هذه الإضاءة، واستخيري الله عز و جل ، وامضي مع ما ييسره الله لك.
ونسأل الله لك الرشد والسداد، وأن يحملك في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. والله تعالى أعلى وأعلم.