دكتور صلاح الصاوي، أتمنى أن تكون بخير.
أريد منك الحلَّ والمشُورة الدينية لما أنا فيه، حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي وذهبت لأهلها لحضور فرح ابن خالها، وحينما سألتها متى ستعودي قالت لي: «براحتي أرجع أو ما أرجعش». فغضبت من ردها وحدثت مشاكل تدخَّل فيها الأهل من الطرفين، وانتهت إلى أنها طلبت الطلاق وأنها لن تعود للبيت، وهي على ذلك منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وقد غيَّرت رقم هاتفها المحمول ولا أعلم عنها أي شيء سوى أنها عند أهلها غضبانة.
و أنا عندي أكثر من سؤال:
الأول: هي بذلك ناشز طبعًا، وأنا أرسل طلبات أولادي على هيئة أكل وشرب واحتياجات ولا أعطيها نقودًا في يدها، فهل أقوم بإرسال مصاريف شخصية لها؟
الثاني: أنا لا أعلم عنها أي شيء، فهل سيحاسبني الله على أفعالها مثل الصلاة أو أي شيء آخر لا يرضى عنه الله أو خروجها بدون إذني أو معرفتي وأنا غائب عنها؟
الثالث: أنها زوجة كثيرة الغضب والذهاب لدى أهلها ولا تمكث في بيتها أكثر من شهرين أو ثلاثة، وأنا تعبت من إنني كل مرة أذهب لأصالحها كي تعود ويعود معها أولادي الذين أشتاق إليهم كثيرًا، فبماذا تنصحني، هل أتزوج عليها لأجد من تخدمني وتراعيني وتراعي شأني أم أطلقها وأرتاح من هذا الأمر الذي يسبب لي صداعًا وتشتُّتًا متزايدًا؟ جزاك الله كل خير يا دكتور.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الذي يظهر بادي الرأي أنها ناشز لأن المرأة التي تخرج مغاضبة بدون مسوغ شرعي مقبول وتأبى العودة إلى بيت زوجها فهي في حالة نشوز، إلا إذا أثبتت أنها فعلت ذلك بسبب تضرُّرها من جَوْرِك عليها، واستطالتك عليها في التعامل، أو التضييق عليها في النفقة، أو بالهجر في المضجع ونحوه، وهذا ما سيظهر إذا جلستم جلسةً للتحكيم الشرعي.
أما ما تفعله في غيابك فلا تسأل أنت عنه؛ لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى(1)، والأصل أن يحمل أمرها على ظاهر السلامة إلى أن يتبين لك خلاف ذلك.
وأما إمساكُك لها أو مفارقتها، فالأصل في مثل ذلك هو السعي إلى الإصلاح، والحرص على تماسك الأسرة والبُعد عن الطلاق الذي يغتبط به الشيطان وجنوده.
ومن وسائل العلاج التحكيم فقد قال ربي جل وعلا: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } [النساء: 35]، واجعل الطلاق آخرَ الدواء كما كان الكي آخر الدواء.
ونسأل الله أن يصرف عنكما كيد الشيطان، وأن يحملكما في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) قال تعالى: { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [الأنعام: 164].