كانت لدينا أشغالُ بناء في البيت، وصار خلاف بيني وبين زوجي، فطلقني وذهب إلى منزل أبويه في فترة العدة، كنت مضطرة- لأنه ترك المنزل، وأراه هروبًا- أن أباشر عملَ الرجال في المنزل وأقف على الأعمال، ومكالمتهم، والخروج إلى الشارع لشراء مواد البناء، والقيام بمقتضيات البيت، وما يترتب عليه.
مع العلم أنه ليس لدي محرم؛ فنحن نسكن في بيتٍ مع والدتي فقط، وليس لي والد أو أخ.
ومع العلم أن أباه هو خالي، ومن أسباب الطلاق عندما أغضب لا أحترمه، وأني ناشز، وقال: إنه انتصر لرجولته عندما طلقني، ولم يفكر أن يؤجل الطلاق حتى تتم الأشغال؛ لأنه قال لأخيه: إنه يفكر في الطلاق قبل أيام.
1- هل ما فعله يعد من الرجولة والدِّين الذي ينتقي منه ما يشاء؟ الرجاء نصحه، مع العلم أني قلت له إنني أحاول أن أتغير.
2- هل آثم عندما خالفت شروطَ العدة؛ لأني مضطرة، ولا أحد لي حتى أشتري مستلزمات البيت، وأمي مسنة لا تعرف الكثير من هذه المستلزمات؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فنسأل الله يا بنيتي أن يصلح ذات بينكم، وأن يؤلف بين قلوبكم، وأن يصرف عنكم كيد الشيطان.
وأبدأ بنصحك أنت أولًا أن تبذلي لزوجك حقَّه من الطاعة والتوقير؛ فإن أعظم الناس حقًّا على المرأة زوجها، وحقه عليها يفوق حق والديها عليها؛ فانظري موقعك منه؛ فإنه جنتك أو نارك(1)، وإن الأمر جِدٌّ لا هَزْلَ فيه، واذكري أنه أيما امرأة بات زوجها ساخطًا عليها باتت الملائكة تلعنها حتى تصبح(2).
ثم ننصح له بأن يتقي الله في أهله، وأن يحفظ فيهم وصية النبي ﷺ، فالمرأة قدمت إلى بيت زوجها ومعها وصية من النبي ﷺ مكتوب عليها: ««اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»»(3).
وأن يذكر قوله ﷺ: ««خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»»(4)، وقوله: ««مَا أَكْرَمَهُنَّ إِلَّا كَرِيمٌ، وَمَا أَهَانَهُنَّ إِلَّا لَئِيمٌ»»(5).
ونذكره «إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(6).
وأما اضطرارك للخروج فأرجو أن لا حرج في خروجك نهارًا فيما تدعو إليه الحاجة، ولكن اجتنبي الخروج ليلًا إلا لضرورة. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/341) حديث (19025)، والحاكم في «مستدركه» (2/206) حديث (2769)، من حديث الحصين بن محصن رضي الله عنه : أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟» قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»، وقال الحاكم: «صحيح ولم يخرجاه»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (1509).
(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها» حديث (5193)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «تحريم امتناعها من فراش زوجها» حديث (1436)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ عن النبي ﷺ قال: ««إِذَا بَاتَتِ الْـمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْـمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»»
(3) سبق تخريجه بالنساء» حديث (5186).
(4) سبق تخريجه باب «فضل أزواج النبي.
(5) سبق تخريجه (13/ 313).
(6) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «المظالم والغصب» باب «الظلم ظلمات يوم القيامة» حديث (2447)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «تحريم الظلم» حديث (2579)، من حديث عبد الله بن عمر ب.