تعرفت على فتاة عبر الفيس وكنا في قصة حب محرمة عبر الهاتف ليلًا، وقد تبت الآن والحمد لله، ولكنى كنت صريحًا معها من أول يوم بأن أهلي يحتمل أن يرفضوا هذا الزواج، وفعلا عندما عرضت الأمر على أمي رفضت؛ لأنها أكبر مني في الدراسة بسنة، كما إن أبي سمعني أكملها ليلًا، ولكي أتخلص منها قلت لها: لقد فعلت مشاكل مع والدي الاثنين بسبب هذا الطلب. وقلت لها أيضًا: لا سبيل للزواج بيننا، فأنا لا أريد أن أغضب والدي، وفي نفسي سببٌ آخر أنني لا أريد أن تكون هذه زوجتي التي تُعينني على الطاعة، وأيضًا أنا لا أحبها، ولكنني كلمت والدتي حتى لا أظلمها أو أضحك عليها وأرضي ضميري، وقطعت علاقتي بها تمامًا، حتى إنها كانت تريدنا أصدقاء ولكنني رفضت لأنني التزمت والحمد لله، فهل لها مظلمة عندي؟
مع العلم أني اعتذرت لها مرات كثيرة، وطلبت منها أن تسامحني على ما فات جميعًا، واعترفت لها بأني كنت أكذب معها في بعض الكلام، وهي سامحتني بالفعل عما سلف مني، ولكن هي الآن أصبحت حزينة، فهل لها مظلمة عندي وأتحمل العناء الذي توجد هي فيه؟ أو لأني لم أكن صادقًا في مشاعري تجاهها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن كليكما كان ظالمًا لنفسه وللآخر، وقد كان ظُلمُك لها مضاعفًا: بغوايتها من ناحيةٍ، وبالكذب عليها وتضليل مشاعرها من ناحية أخرى، لقد كنت كذوبًا ظلومًا مخادعًا.
وكانت ظالمةً لنفسها فحاق بها سوءُ ما كسبت.
وقد أصبحَ هذا كلَّه تاريخًا في حكم الدنيا، أما في حكم يوم القيامة فهو في كتابٍ، لا يضلُّ ربي ولا ينسَى، فالذنب لا يُنسى والدَّيان لا يموت(1).
ولم يبق أمامَك إلا التوبةُ الصادقة النصوح، وأن تُكثر من عمل الصالحات فـوَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَعلم. [هود: 114]. وأن تكون بين الخوفِ والرجاء: ترجو رحمةَ ربك، وتخاف ذنوبك. وأمرُك مفوض إلى ربك. والله تعالى أعلى وأعلم.
————————–
(1) ذكره العجلوني في «كشف الخفا ومزيل الإلباس بما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس» (2/165) حديث (1996) وقال: «رواه أبو نعيم والديلمي عن ابن عمر رفعه في حديث بلفظ: البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت فكن كما شئت فكما تدين تدان. وأورده ابن عدي في الكامل وفي سنده ضعيف، وقال في اللآلئ: رواه البيهقي في كتاب الزهد والأسماء والصفات عن أبي قلابة قال: قال رسول الله ﷺ: الذنب لا ينسى والبر لا يبلى والديان لا يموت وكما تدين تدان. ثم قال في حديث أنه قال: يا موسى كما تدين تدان. وفي الحلية عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني أنه قال: يا موسى كما تدين تدان وبالكاس الذي تسقى به تشرب. وفي التنزيل: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا [النساء: 123]، وفي النجم عن فضالة بن عبيد: مكتوب في الإنجيل: كما تدين تدان وبالمكيال الذي تكيل تكتال».