قال تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159] وأنا عزمت على الطلاق لا استخفاف ولا قلة دراية بعواقبه ولكن لأسباب أبصركم بها كي تشيروا علي بما فيه رضا الله أولًا ثم خيري.
1- بُعد زوجي عن الدين قلبًا وقالبًا، ومنه تتفجر المشاكل، والصبر جميل، ولكن عندما ينهزم إيمانك أمام قوة دنيوية عاتية ماذا تصنع؟! وعندما تأتيك الشكاوي بأن دينك يا فلانة ضعف ما السبيل؟!
2- انعدام الإخلاص؛ فلا يرى لي حرمة، يتكلم عني مع الأهل، والمضحك المبكي أنه إن قال: «الأهل» قصد أسرة أبيه ولا حرج، لكنه ما كنَّى عني بالأهل إلا إذا اضطره الغير بأن يقولوا: وهل أهلك معك. وكم من موقف جاء فمزقني عدم وفائه لي، أنا أُخلص وأُحب وأفي ولكن يظن كل هذا لأنه يستحق.
3- لا يقدم ما عليه من مسئولية بناته الثلاثة، ولما طلبت منه فقط أن يرحمني ويقوم ببعض مسئولياته اعترف بخطئه واعتذر، ولم يمضِ إلا القليل ثم عاد، وأقول: المرأة تحب مساندة زوجها بكل طاقتها لكن عندما يعاملها بلا رحمة ويعاتب وهو المقصِّر تفسره فقط إما بقلَّة مروءة أو كره لها.
وقد قال لي أنه كان عنده توقعات وقد خيبتها أنا، سبحان الله! أي خير في أن تعاشر من لا يرى خيرًا في طاعة ربك! ولا تأمنه على عرضِك أن يُتكلم فيَّ ولا يتحرك شبرًا ثم تحيا غربة موحشة! فلا أنا أراه على خير، والقلب يكره من ينال من عزة نفسك، ولا هو يراني كفئًا لأناقته ولا لاهتماماته.
أحمد الله أنني أتوكل عليه سبحانه لن يضيعني ولا بناتي. وأذكر هنا أنني عزمت على الفراق مرات ومرات، وفي كل مرة يُظهر زوجي كثرة الذكر وصلاة الفجر في المسجد وأنا أفهمه ولكن أقول: أنخدع لو أراد خداعي، لله، ما دام قد أظهر الخير. ولكن عندما أصفو يأتي بفاجعة أكبر من ذي قبل. فما عدت أحتمل ولا أريد أن أحمل نفسي مسئوليته؛ فأنا وهو قد أمضينا تسع سنوات في الخلافات الحادة المتواصلة حتى اشتكت بناتي، وأنا والحمد لله أرتاح لأمرى مع صعوبته. أسال الله أن يعينني، وما ذكرتُه والله قليل من كثير. والله المستعان.
وأذكر أنه يلومني ويتهمني ببرود العاطفة، ولا أتعجب من امرأة تنوي الفراق! فهل له علي حق في هذه الفترة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
في مثل هذه القرارات الخطيرة لابد من الإلمام بالأمر من جميع جوانبه، والاستماع إلى الخصومة من مختلف أطرافها، ونحن سمعنا شكايتك وعرضك لمشكلتك ولم ندرِ ماذا يقول الزوج في ذلك كله، وما سلوكه معك على وجه التحقيق، ولكن على كل حال الطلاق وإن كان بغيضًا إلى الله عز و جل ، ولكنه مشروع عند الحاجة، فإن خفت ألا تقيمي مع زوجك حدودَ الله وخشيت الفتنة في الدين وكان ذلك على وجه الحقيقة وليس مجرد أوهام ووساوس فاستشيري في ذلك أبويك ومن تثقين فيه من ذوي رحمك، وقد يكون من المناسب أن تطلبي تحكيمًا بينك وبين زوجك في الأمور التي تمثل نقاط تماسٍّ بينكما، وقد يكون لدخول الحكمين دوره وضغطه وأثره البيِّن في الإصلاح، وبذلك تكونين قد طرقت جميع الأبواب الشرعية واستنفدت جميع السبل الممكنة للإصلاح والتوفيق.
فإن لم يُجْدِ ذلك كله فكرري الاستخارة حول الطلاق أو المخالعة، فإن شرح صدرك لذلك فتوكلي على الله. وأسأل الله أن يبدلك خيرًا منه. والله تعالى أعلى وأعلم.