امرأة مسلمة متزوجة من مسلم، وقعت بينهما مشاكل اضطرت الزوجة أن تطلب منه أن يطلقها فأبى، فلجأت إلى المحاكم المحلية، وتظلمت للقاضي، وشفعت طلبها بوثيقة قانونية موقعة من محاميها تنازلت فيها عن صداقها المؤجل والنفقة المستحقة، فأصدر القاضي حكمه بالطلاق بموجب وثيقة طلاق تحمل اسم المحكمة المصدرة للطلاق.
بعدها طلبت الزوجة من زوجها المخالعة فرفض، علمًا بأنه أخذ نسخة من وثيقة تنازلها عن كافة حقوقها المالية، وذلك بحجة أن خلعها مشينة في حقه، فهو يريدها معلقة حتى لا تتزوج من غيره.
وبعد الضغوط عليه اشترط أن يطلقها طلقة رجعية واحدة على أن تعتد بثلاث حيضات، وأن تسقط حقها في مؤجل المهر، ولا تطالب بأية نفقة.
فما حكم الشريعة الإسلامية في طلب الزوج؟ وكيف تنهي المرأة هذه العلاقة التي انتهت قضاءً ولم تنتهِ وفق الشريعة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إذا أخذ الزوج من زوجته عوضًا مقابل تطليقها له فذلك الخلع الذي تكون معه المرأة أملك بنفسها من لحظة تطليقها، ولا يملك الزوج عليها حق الرجعة في مدة العدة، وهو المشار إليه بقوله تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]
ولا ينبغي له أن يجمع بين العوض واستحقاق الرجعة في مدة العدة، فإن أبى إلا أن يكون الطلاق رجعيًّا فليرد إليها ما بذلته له من العوض ثم يطلقها طلاقًا رجعيًّا إن شاء، وليس للرجل أن يمسك أهله ضرارًا، فإن هذا من العدوان الذي يسخطه الله ورسوله، قال تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: 231].
أما ما يزعمه من أن الخلع مسبة له ومنقصة في حقه فإن هذا من حمية الجاهلية، وهو يعرضه لمثل هذا السؤال: أليس من المسبة والمنقصة أن يمسك الرجل بامرأة لا تحبه ولا تريده، ويعرضها للطواف على المحاكم الصليبية، ويعرض أسرارهما العائلية إلى أن تكون على أفواه العباد بهذا الموقف المتسلط العنيد؟!
إننا نوصيه بتقوى الله عز و جل ، ونذكره بأن الحياة الزوجية لها قانون إلهي واحد لا يملك أحد من المؤمنين أن يخرج عليه وهو قوله تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229].
فإذا عجز الزوج عن الإمساك بالمعروف فليس أمامه إلا التسريح بإحسان، وليس وراء ذلك إلا غضب الله وسخطه.
أما كيفية حل العقدة الشرعية للزواج بعد حل عقدته القانونية فإن مرد ذلك ابتداء إلى الزوج، فإن أبى وأمسك زوجته ضرارًا فإلى القضاء الشرعي، ويقوم مقامه القائمون على الأمر في المراكز الإسلامية خارج ديار الإسلام. والله تعالى أعلى وأعلم.