أنا سبق وطلقت زوجتي طلقتين وذهبت للمشايخ وقالوا لي: ادفع مبلغ من المال. وبالفعل دفعت وحلفت عليها الطلقة الثالثة قلت: عليَّ الطلاق، عليَّ الطلاق- كررتها مرتين- إذا حَد عرِف رقمك غيري أنا وأهلك تكوني طالق، وقد نسيت الزوجة وكلمت صديقتها من نفس الرقم، هل الطَّلْقة تُحتَسب؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن تكرار الطلاق في المرة الثالثة إن قصد به التأكيد كما هو ظاهر السياق فلا يعتبر طلقتين بل هي يمين واحدة.
ثم ينظر بعد ذلك في مسألة دخول الحديث إلى صديقة الزوجة ابتداء في المنع الذي تضمنته هذه اليمين؛ فإن كنت قصدت منعها من مخاطبة جميع الناس رجالًا ونساء سواء أكان ذلك في ريبة أم في غير ريبة فإن صديقتها تدخل في جملة من نهيتهم عن الحديث معهم، أما إن كان قصدك الاتصالات المريبة مع الأجانب أو مع الفاتنات من النساء فلعل صديقتها هذه لا تدخل ابتداء في قائمة المنع التي تضمنتها يمينك، فدقق في قصدك وبيِّن لنا مرادك.
ثم يكون النظر بعد ذلك في مسألة وقوع الحنث بالنسيان، والظاهر أن النسيان لا يقَع معه الحنث لقوله تعالى: { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] وقد ثبت في الصحيح أن اللهَ تعالى قال: «قَدْ فَعَلْتُ»(1). وإذا كان الأكل والشرب نسيانًا في نهار رمضان لا يفسد به الصوم(2)؛ فإن المخالفة نسيانًا هنا لا يقع بها الطلاق. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا» حديث (1933) ، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر» حديث (1155) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ الله وَسَقَاهُ».