سيدنا الشيخ المحترم. أنا متزوج من امرأة مطلقة، وصار لنا مع بعضنا 14 سنة، وفي آخر ثلاثة أشهر بدأت المشاكل بيننا، فعرفت منها أنها هي وأهلها كذبوا في حالة الطلاق من زوجها السابق، حيث إنها وزوجها السابق كانت تعيش معه في المملكة، فبدأت الخلافات عادية، لكنها كانت بنت 18 عامًا كانت وتراها كبيرة، ثم ذهبت بعد ذلك إلى مصر، ثم حاولت الهروب والطلاق منه والمجيء إلى أهلها في أمريكا، فرفعوا عليه قضية طلاق في مصر واتهموه بأنه كان يضربها ويعذبها، وحُكم لها بطلاق المتضررة من زوجها السابق.
ولما ذهبَتْ للشيخ حتى يرى آثار الضرب، فعلًا كان عليها آثار فادحة، وقالوا للشيخ: هذا من آثار ضربه لها، وهي اعترفت في ذلك.
فحُكم لها في هذا بالطلاق، وهذا الذي أخبروني به عند خطوبتي لها، وقبل أيام قليلة وجدتها تبكي، وقالت لي واعترفت لي بأنها وأهلها كذبوا في عملية الطلاق حتى تتخلص منه وتأتي إلى هنا عند أهلها، اعترفت وقالت: إنه لم يضربها أو يثير أيَّ أذًى بها، ولكنها كانت تريد التخلص منه، وإن الضرر الذي كان بها كان آثار وقوعها على مدرج المطار.
في هذه الحالة ما حكم الطلاق منه؟ وأنا عندي ثلاثة أولاد منها، فما الحكم في كل ذلك؟ جزاك الله كل خير إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فيقع عليها وعلى أهلها تبعة الكذب والظلم، ولكن لا علاقة لكذبهم وظلمهم بصحة زواجك منها؛ فقد نفذ حكم القضاء بتطليقها، وما تذكره من خلافات بينها وبين زوجها وتضررها من ذلك وهربها منه قد يكون عند التحقيق والتدقيق مسوغًا لطلبها التطليق للضرر.
وقد فصل المالكية(1) القول في ذلك فقالوا: «لو شَتَمَها مرةً ولم تُطق صبرًا على ذلك ساغ لها طلب التفريق للضرر».
والآن وقد ارتبطت بك واستقرت أوضاعكم، ومضت عليها هذه السنوات، فلا ينبغي اجترار هذه الأحداث، وفتح باب إلى الشك حول مشروعية زواجكما.
فأقبل على أهلك فاستصلح أحوالهم، ورغبهم في التوبة إلى الله U، والمحافظة ما أمكن على بيت الزوجية.
ونسأل الله أن يصرف عنكم السوء، وأن يأخذ بنواصيكم إلى ما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) جاء في «حاشية الدسوقي» (2/345): «( ولها ) أي للزوجة ( التطليق ) على الزوج ( بالضرر ) وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها ، نحو يا بنت الكلب يا بنت الكافر يا بنت الملعون كما يقع كثيرا من رعاع الناس ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق كما هو ظاهر».