حدث خلافٌ بيني وبين أخي زوجتي، وقلت لها: (قولي لأخيك أني حالف عليكِ بالطلاق ألا يدخل بيتنا مرةً أخرى). وفي حقيقة الأمر أنا لم أحلف بالطلاق، وزوجتي تعلم أني لم أحلف، ولذلك جاء أخوها لزيارتها وأدخلته البيتَ لعِلْمِها بأني لم أحلف.
هل وقع بذلك طلاقٌ أو عليَّ كفارة؟ وجزاك الله كلَّ خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذا من الإخبار الكاذب بالطلاق، فعليك إثمُ الكذب.
ولا يلحقك من ذلك طلاقٌ في باب الديانة، في أظهر قولي العلماء، وهو ما عليه الأحناف والشافعية وغيرهم، لأنك لم تُنشئ طلاقًا ولم تعزم عليه، لأن الإقرارَ لا يقومُ مقام الإنشاء، فالإقرار إخبارٌ محتملٌ للصدق والكذب، يؤاخذ عليه صاحبه ظاهرًا، أما ما بينه وبين الله فالمخبر عنه كذبًا لا يصير بالإخبار عنه صدقًا، فلهذا لا يقع طلاقه باطنًا.
يقول في «البحر الرائق» من كتب الأحناف: «ولو أقرَّ بالطلاق وهو كاذبٌ وقع في القضاء»(1).
وجاء في «أسنى المطالب شرح روض الطالب» من كتب الشافعية: «وإن أقرَّ بالطلاق كاذبًا لم تطلَّق زوجتُه باطنًا وإنما تُطلَّق ظاهرًا»(2).
وفي «تحفة المحتاج في شرح المنهاج»: «ولو قيل له استخبارًا: أطلقتها؟ -أي زوجتك- فقال: نعم. أو مرادفها. فإقرارٌ به (الطلاق) لأنه صريح إقرار، فإن كذب فهي زوجته باطنًا»(3).
فيلزمك التوبةُ من إثمِ الكذب، ولا يلزمك الطلاقُ في باب الديانة، أي بينك وبين الله عز وجل. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) «البحر الرائق» (3/264-266).
(2) «أسنى المطالب» للشيخ زكريا الأنصاري (3/276).
(3) «تحفة المحتاج» (8/133-135).