الشيخ الجليل صلاح الصاوي، ممكن أستفسر من حضرتك عن موضوع في الطلاق:
لي قريبة في كندا، متزوجة وعندها (5) خمسة أولاد، ومعها الجنسية الكندية، هي وزوجها وأولادها منفصلون، هي وزوجها منذ سنتين اتفقوا على الطلاق، ولكنه طلب منها أموالًا مقابل أن يوافق على طلاقها، وبالفعل دفعت له الذي يريده، وبعثت المحامي تَبَعَها للمحكمة، وذهب زوجها ووقَّع على كل أوراق الطلاق بإرادته وبدون أي إجبار.
منذ شهرين بالضبط، وبعد شهرٍ ونصفٍ قال لها: الطلاق لا يجوز، أنا لم أقل لكِ: أنتِ طالق. ولابد أن نُطلَّق عند مأذونٍ مسلمٍ؛ فلا يجوز الطلاق في محكمة أجنبية، وأمامك ثلاثة اختيارات: إما أن نرجع لبعضنا، وهي ترفض هذا نهائيًّا. أو أن تُرجع له ولديه الصغيرين ليعيشوا معه، أو تعطيه (10.000) عشرة آلاف دولار كي يقول لها: أنتِ طالق بالثلاثة.
هي معها قسيمة الطلاق من المحكمة، وهو قد وقَّع عليها، لكن زوجها لا يعترف بها، بحجة أن الذي طلقهم ليس مسلمًا.
أريد أن أعرف يا شيخ، هل هذا طلاق أم لا؟ مع العلم بأنها رافضة للحياة معه نهائيًّا، وعلمًا بأنها قد تنازلت عن كل حقوقها كي يُوقِّع على الطلاق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإذا اتفق الزوجان على الطلاق ووقَّع الزوج على وثائقه راضيًا مختارًا، قاصدًا الطلاقَ بهذا التوقيع، فيكون هو الذي باشر الطلاق، ويكون الطلاق صحيحًا ونافذًا، ولا يحتاج إلى توثيقه من مأذون مسلم أو غير مسلم ليصبح الطلاق نافذًا من الناحية الشرعية؛ فإن دور المأذون المسلم أو غير المسلم في هذه الحالة إنما هو مجرد التوثيق القانوني، وهذا لا علاقة له بصحة الطلاق، فما يلي ذلك من إجراءات رسمية إنما هي لتوثيق الطلاق الذي أمضاه الزوج بإرادته.
ولكن بقيت مسألة مهمة: إذا كتب الزوجُ الطلاقَ ولم ينطق به فإن كتابة الطلاق من كنايات الطلاق، وكنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا مع النية، وتوقيع الزوج على أوراق الطلاق بإرادته يُعَد من جملة كنايات الطلاق التي لا يقع بها الطلاق إلا مع النية، فإذا ادعى اليوم أنه لم يقصد الطلاق بهذا التوقيع ولم يُرِده، فيُؤخذ بظاهر قوله؛ لأنه هو الذي بيده عقدة النكاح، ونكون أمام خصومة تُعرَض على القضاء الشرعي، ويحل محله خارج بلاد الإسلام المراكز الإسلامية؛ فإن أئمتها والقائمين عليها يقومون مقام القضاء الشرعي في بعض الأمور، ومنها قضايا الأحوال الشخصية. فتذهب الزوجة بقسيمة الطلاق المدني إلى المركز الإسلامي وتعرض الأمر على إمامه لينظر في الأمر ويستدعي الزوج ويفصل في هذا النزاع، فإن أبى الزوج إلا المُشاقَّة والمكابرة والاستطالة فإن له أن يُطلِّق عليه؛ للضرر. وبهذا ينفذ الطلاق شرعًا رغمًا عن الزوج الذي يُمسك زوجتَه ضرارًا، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: 231].
فلتحتكم قريبتك إلى المركز الإسلامي القريب، وإن احتاجت مساعدتي فسَلْها أن تكتب إليَّ.
ونسأل الله أن يَجبر كسرها، وأن يعوضها خيرًا، وأن يحملها في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. والله تعالى أعلى وأعلم.